الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الاتفاق مع إيران يُطلق حلّ الأزمة السورية ويُنهي وجود محور "المقاومة والممانعة"؟

الاتفاق مع إيران يُطلق حلّ الأزمة السورية ويُنهي وجود محور "المقاومة والممانعة"؟

27.11.2013
اميل خوري


النهار
الثلاثاء 26-11-2013
يمكن القول إن اسرائيل بعد اتفاق الدول الست على الملف النووي مع ايران ربحت أمنياً لكنها خسرت شيئاً من دورها السياسي في المنطقة. وقد يكون هذا ما أثار غضبها رغم أن الاتفاق يكمل فرحها إذ يمنع ايران من انتاج السلاح النووي بعد إزالة السلاح الكيميائي السوري، ما يجعل الاتفاقات التي ينتظر أن تعقد لاحقاً لتحقيق السلام الشامل في المنطقة تنهي وجود ما يسمى "محور المقاومة والممانعة".
الواقع انه، منذ قيام دولة اسرائيل، وأمن حدودها هو الهاجس إذ كانت تطرح في المفاوضات مع الفلسطينيين والعرب معادلة "الأرض مقابل الأمن" رداً على معادلة "الارض مقابل السلام" كي تظل محتفظة بالاراضي التي تشكل حماية لحدودها. وذهب زعماء عرب إلى حد القبول بانسحاب اسرائيل إلى الحدود التي تراها آمنة لها. ولأن الأمن كان ولا يزال هاجس اسرائيل فإنها اشترطت للموافقة على إقامة دولة فلسطينية أن تكون منزوعة السلاح ومنع أي دولة عربية وغير عربية في المنطقة من التسلح بأسلحة متطورة تفوق قدرة أسلحة اسرائيل.
لذا سُمح لها من دون سواها بامتلاك السلاح النووي تطميناً لها ولم يسمح بذلك لأي دولة عربية أو إقليمية معادية لها. حتى إن شاه ايران، رغم انه كان صديقاً بل حليفاً للولايات المتحدة الاميركية، عندما صار يمتلك جيشاً قوياً يشكل تهديداً لأمن اسرائيل أطيح حكمه، وعندما أقام الرئيس العراقي صدام حسين دولة قوية بجيش قوي وأشيع أنه يمتلك سلاح الدمار الشامل الذي يهدد أمن اسرائيل، لم تتوانَ الولايات المتحدة الأميركية مع دول أوروبية عن توجيه ضربة عسكريّة إلى العراق أطاحت حكمه، ولم يتم التوصل حتى الآن إلى إقامة حكم مستقر فيه بل فوضى عارمة ودمار شامل وأعمال عنف مذهبية متبادلة لا تتوقف. وكانت اسرائيل، تطميناً لها ، قد أخرجت مصر من حرب معها بعقد اتفاق كمب ديفيد، وأخرجت بعدها الاردن بعقد اتفاق "وادي عربة"، وحاولت اسرائيل أن تجعل من لبنان الدولة العربية الأخرى التي تعقد معها اتفاق سلام لتضع حداً للعمليات الفدائية الفلسطينية التي تنطلق من جنوبه، مستفيدة من دخولها العاصمة بيروت، ولكن فات اسرائيل أن التركيبة اللبنانية الدقيقة سياسياً ومذهبياً لا تسمح لأي حكم فيه بعقد مثل هذا الاتفاق إذا لم يكن يحظى بموافقة القوى السياسية الأساسية في البلاد. بين أن اسرائيل نجحت في عقد اتفاق فك اشتباك بينها وبين سوريا في هضبة الجولان ما جعل الحدود هادئة وآمنة بين البلدين سنوات طويلة ولا تزال حتى الآن.
وعندما خضع لبنان للوصاية السورية من أجل وقف الاقتتال فيه، تم إخراج المسلحين الفلسطينيين منه إلى تونس وتوقفت العمليات الفدائية التي كان يقوم بها هؤلاء انطلاقاً من جنوبه، وصارت الهدنة المعقودة في الماضي بين لبنان واسرائيل هي التي تحفظ أمن الحدود بين البلدين مع وجود قوات دولية. وعندما زالت الوصاية السورية على لبنان وقامت حرب تموز عام 2006 بين "حزب الله" واسرائيل، صدر عن مجلس الامن الدولي القرار 1701 الذي حقق لاسرائيل حدوداً هادئة مع لبنان بفضل انتشار قوات دولية وجيش لبناني على طول هذه الحدود. وقد التزم "حزب الله" ما نص عليه هذا القرار فتوقفت العمليات العسكرية في المنطقة على رغم أن اسرائيل لم تنفذ المطلوب منها بموجب القرار ذاته وهو الانسحاب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ومن جزء من قرية الغجر بذريعة وجود نزاع على ملكية هذه المزارع بين لبنان وسوريا وامتناع الأخيرة عن الاعتراف رسمياً وخطياً بملكية لبنان لها.
وهكذا نعمت اسرائيل بالأمن والهدوء على طول حدودها مع مصر والاردن وسوريا ولبنان ولم يعد لديها هاجس على أمنها إلاّ من ايران في حال امتلكت السلاح النووي، ومن "حزب الله" في لبنان الذي يتحرك ضدها بأمر إيراني. وقد أدى الاتفاق الأميركي – الروسي على إزالة السلاح الكيميائي من سوريا الى تفادي توجيه ضربة عسكرية اميركية للنظام السوري، ثم الاتفاق الأخير مع ايران الذي يمنعها من انتاج سلاح نووي يهدد أمنها وربما وجودها كما تقول اسرائيل.
والسؤال المطروح هو: هل تستطيع اسرائيل أن تحقق أمنها الدائم والثابت إذا لم يتحقق السلام الشامل والعادل في المنطقة؟
وإذا كان الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين ما كان يسمى "محور الشر" و"الشيطان الاميركي الأكبر" مهماً، فالأهم هو التوصل الى تنفيذ كل بنوده خلال الأشهر الستة المحدّدة لتنفيذه ولا يصيبه ما أصاب كثيراً من الاتفاقات التي ظلت من دون تنفيذ كامل.