الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الاتحاد الأوروبي قال كلمته، فهل ستفهم إسرائيل و"حزب الله" الرسالة؟

الاتحاد الأوروبي قال كلمته، فهل ستفهم إسرائيل و"حزب الله" الرسالة؟

23.07.2013
اوكتافيا نصر

النهار
الثلاثاء 23/7/2013
لوى الاتحاد الأوروبي ذراع إسرائيل وسدّد اليها الضربة الأكثر إيلاماً من طريق الاقتصاد! فقد اتّخذ قراراً رسمياً ودائماً باستثناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية من اتفاقات التجارة الحرة التي تربطه بدولة إسرائيل. من خلال هذه الخطوة، يقرّ الاتحاد بالوضع غير الشرعي للمستوطنات، كما يسلّط الضوء على دور إسرائيل بصفتها سلطة احتلال في تلك المناطق. إذا كانت إسرائيل تريد المال والإفادة من اتفاقات التجارة الحرة، فعليها أن توافق أيضاً على الشروط التي وضعها الاتحاد الأوروبي.
لقد اتُّخِذ القرار بصورة استراتيجية وحازمة بما يُبرز استياء الاتحاد الأوروبي من طريقة تعامل الحكومة الإسرائيلية الحالية مع النزاع المستمر منذ عقود مع الفلسطينيين. وعلى رغم أن إعلان الاتحاد الأوروبي كان متوقّعاً، وهذا ما حذّر منه محللون كثر، أصيب المسؤولون الإسرائيليون بالصدمة من المنحى الذي اتخذته الأمور. وقد راح كثر يطلقون الكليشيهات المعهودة التي نجحت في الماضي، لكنها لم تجدِ نفعاً هذه المرة. فقد انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قرار الاتحاد الأوروبي بشدّة قائلاً: "لن نسمح بأية إملاءات خارجية في شأن حدودنا". إلا أن كلامه الاستفزازي هذا لم يلقَ أي رد، ما عدا المعمعة في إسرائيل حول السبيل الأفضل لإعادة إطلاق عملية السلام.
وأمس اتخذ الاتحاد الأوروبي قراراً بوضع الجناح العسكري لـ"حزب الله" على لائحة المنظمات الإرهابية. الرسالة واضحة، ويجب التنبّه جيداً للتفاصيل، وعدم الانجرار وراء التشويش الذي يمارسه البعض بالادّعاء أن الاتحاد الأوروبي صنّف "حزب الله" في خانة المنظمات الإرهابية. هذا غير صحيح. فقد ميّز الاتحاد بين "حزب الله" وجناحه العسكري. في العالم الديبلوماسي، ليس هذا التصنيف مصادفة، بل يكتسب أهمية كبيرة: يوجّه الاتحاد الأوروبي رسالة إلى "حزب الله" وداعميه، بما في ذلك الحكومة اللبنانية ونظام بشار الأسد وإيران. إنها فرصة فريدة، ولعلها الأولى من نوعها، لا بل قد تكون الفرصة الوحيدة التي يمكن أن تتاح لـ "حزب الله" للانضمام إلى المجتمع الدولي من طريق إلقاء سلاحه والتخلّي عن نشاطه العسكري. بما أن "حزب الله" صار جزءا لا يتجزأ من الحكومة اللبنانية ولاعبا اساسيا على الساحة السياسية في لبنان، فان الفرصة سانحة امامه لاعادة اختراع نفسه من خلال المشاركة القانونية، في حين ان نشاطه العسكري (الذي تصنفه الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي في خانة الارهاب) لن يقوده الا الى مزيد من العزلة.
استغرق الاتحاد الأوروبي وقتاً طويلاً ليثبت جدّيته في التعامل مع عملية السلام في الشرق الأوسط، وتأدية دور "الوسيط المحايد" الذي لطالما حلمت الولايات المتحدة بتأديته لكنها لم تنجح قط في ذلك.
لا شيء يضمن أن الاتحاد الأوروبي لن يذعن لضغوط مجموعات اللوبي الإسرائيلية، أو يكفّ عن التمييز بين "حزب الله" وجناحه العسكري إذا استمرّ الحزب في المشاركة في القتال في سوريا.
لقد أظهر التاريخ مراراً وتكراراً أن من يعارضون السلام في الشرق الأوسط أقوى صوتاً وأشدّ عنفاً وفتكاً. تحيّة احترام لكل من لا يزال يعمل من أجل السلام على رغم كل التهديدات والتحدّيات.