الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الاستراتيجية الأميركية في المنطقة

الاستراتيجية الأميركية في المنطقة

28.03.2015
علي سلامة الخالدي



الرأي الاردنية
الخميس 26-3-2015
 امريكيا كانت تعتبر إيران من الدول المارقة , كما أنها راعية للإرهاب وتلعب دوراً مدمراً , في المقابل , إيران ترى في امريكيا أنها الشيطان الأكبر , وترفع شعار الموت لأمريكيا , يبدو أن هذه الشعارات استهلكت وباتت بضاعة كاسدة , غير صالحة لهذا الزمان , فالسياسة ليس لها مبادئ , ولا قواعد , تعتمد على تبادل المصالح وتحقيق الغنائم , وتقاسم مناطق النفوذ , والتمدد ضمن المجال الحيوي , لأن التهديدات متغيرة , والتحالفات متلونة , هذا جعل امريكيا في حرب العراق , تتعاون مع أيران لأسقاط نظام صدام حسين , جعلت منها دولة حليفة غير معلنة , بقي التعاون والتنسيق مستمراً لمواجهة تنظيم القاعدة في العراق , من خلال دعم حكومة المالكي ذات الميول الطائفية , مما أطلق يد ايران داخل العراق , حتى أصبحت بغداد مركز الامبراطورية الايرانية .
    ظهور تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام , حقق الحلم الايراني في تصدير ثورتها في دول المنطقة , جاءت الفرصة الذهبية , هذا التنظيم يشكل تهديداً حقيقياً خطيراً للمصالح الأمريكية وللدول الحليفة , لا يمكن النجاح في الحرب على الارهاب إلا بمساعدة ايران , فهي القوة الاقليمية الفاعلة والمؤثرة والقادرة على تغيير موازين القوى , ايران مؤهلة عسكرياً وعقائدياً , يساعدها للقيام بهذا الدور مجموعة من العوامل , فموقعها الجغرافي على شواطئ الخليج وقربها من العراق كمنطقة حدودية يضاف الى ارتباطها التاريخي ودينها الاسلامي , ومذهبها الشيعي , وما يعنيه ذلك من ترابط روحي عاطفي مع أغلبية العراقيين , لا ننسى دعم ايران لبعض حركات المقاومة ( حزب الله و حماس ) مع خطابها الاعلامي المعادي ظاهرياً لإسرائيل , كل ذلك جعل من ايران الدولة الاكثر تأثيراً في معالجة مشاكل المنطقة .
    الاتفاق التاريخي ما بين ايران ومجموعة ( 5الخميس 26-3-20151) سيحقق أهدافاً مركبة , يضع البرنامج النووي الايراني تحت الضوابط الدولية مقابل اطلاق يد ايران في المنطقة , الاعتراف بمناطق نفوذها , التعامل معها كقوة اقليمية صديقة , لتحقيق مصالح مشتركة , توظيف قوتها للحفاظ على استقرار المنطقة , اعادة تأهيل ايران لدمجها مع المجتمع الدولي , رفع العقوبات الاقتصادية , دعم الاقتصاد الايراني , كل ذلك يحدث تحت عنوان مكافحة الارهاب , بغض النظر عن المرارة في مشاعر حلفاء الأمس .
    تم وضع الاستراتيجية الامريكية لمحاربة داعش وتنفيذها على مرحلتين , مرحلة القصف الجوي تأخذ مداها الزمني والجغرافي لكسر شوكة التنظيم , الحد من سرعة انتشاره , محاصرته , ايقاع أكبر الخسائر في صفوفه , قطع خطوط أمداده , شل قدرته على الحركة , تدمير مصادر الطاقة لديه , التأثير على معنوياته , يقوم بهذا الواجب دول التحالف ضد الارهاب , اما مرحلة الهجوم البري , ومسك الارض , طرد التنظيم , المواجهة الميدانية , حرب المدن والشوارع , فقد أسند هذا الواجب الى القوات العراقية , وقوات الحشد الشعبي , والميليشيات الايرانية المرحب بها عراقياً , والمسندة بفتاوى المرجعيات الدينية , ايران هي الدواء الناجح لذاك المرض السرطاني الخبيث حسب وجهة النظر الامريكية .
   العرب ساهموا في صعود ايران كقوة اقليمية , عندما سمحوا بتدمير العراق , تركوا لإيران ملء الفراغ الأمني , فلا الجامعة العربية لها حضور , ولا مجلس التعاون الخليجي طور التعاون الى اتحاد لتأسيس قوة تخلق توازن مع ايران , ولا فكروا في ضم مصر والاردن لدول المجلس لإضفاء نوع من الندية أمام ايران , اعتمدنا على الاخرين ولم نعتمد على انفسنا , فوصلنا الى هذه المرحلة , فضاع العراق وسوريا ولبنان واليمن , ونحن ننتظر من السماء ان تمطر علينا ذهباً وفضة .
   الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة تقوم على اساس أن ايران لا تشكل تهديداً للمصالح الامريكية في الشرق الاوسط , والعلاقة معها تبنى على الاتفاق والتعاون , وتقاسم مناطق النفوذ , وتبادل الأدوار , التاريخ يعيد نفسه , ايران الخميني نفسها ايران الشاه , شرطي المنطقة بعمامة جديدة