الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الاستهدافات الأمنية ليست "أضراراً جانبية" للحرب السورية لبنان ساحة رديفة مجدداً تحت وطأة الأخطار

الاستهدافات الأمنية ليست "أضراراً جانبية" للحرب السورية لبنان ساحة رديفة مجدداً تحت وطأة الأخطار

25.08.2013
روزانا بومنصف

النهار
الاحد 25/8/2013
 
لا تقع المجزرة بالاسلحة الكيماوية في منطقة الغوطتين في دمشق في اطار "الاضرار الجانبية" للحرب الجارية بين النظام ومعارضيه كما لا تقع التفجيرات والحوادث الامنية التي تتوالى في لبنان تحت هذا العنوان أي "الاضرار الجانبية" للحرب في سوريا. فالاضرار الجانبية او ما يعرف بالاجنبية بعبارة " Collateral damage" لا تنطبق عليها المجزرة في دمشق التي لم تحظ باستنكار او ادانة من النظام اومن حكومته في حال كان المرتكب فصائل من المعارضة وفق ما خلص اليه، علما ان المجزرة لو حصلت في بلاد الماو الماو كانت تستحق ادانة واستنكار من جانب النظام. بل كانت هذه المجزرة مقصودة لاهداف قد لا تتضح مباشرة، لكن قد يتبين لاحقاً ان الهدف يبرر الوسيلة بالنسبة اليه ان على صعيد تسجيل المكاسب في الفرز السكاني والجغرافي الذي يقوم به أو أي أمر آخر مماثل.
وفي ظل البحث عن وسائل غربية للرد قد تتضمن رد فعل عسكرياً بطريقة ما، ثمة ما يثير الاستغراب لدى كثر في عدم الاتجاه اولا باول الى الاعلان عن النية او الارادة في احالة الرئيس السوري بشار الاسد الى محكمة الجنايات الدولية كخطوة اولى في حال ثبت استخدامه السلاح الكيماوي ضد شعبه، بدلا من الترويج الروسي لضرورة الضغط على المعارضة للتفاوض مع النظام في جنيف - 2 بعد هذه المجزرة سعياً الى تجنب الاحراج الكبير الذي يتسببه استخدام النظام اسلحة كيماوية ضد شعبه على روسيا ويضعف موقفها المدافع عن بقائه على طاولة التفاوض، وليس تسليم السلطة فحسب. يقول ديبلوماسيون غربيون ان هذا الاجراء اعتمد ضد الرئيس الليبي معمر القذافي وندم عليه الغرب، لانه اقفل الباب امام القذافي للتفاوض على استراتيجية لخروجه من الحكم ومن ليبيا ككل مما يثير تساؤلات اذا كان لدى الغرب أي أوهام بوجود استراتيجية مماثلة لدى الرئيس السوري في الوقت الذي تؤكد مصادر ديبلوماسية ان استراتيجية الخروج الآمن امام الاسد باتت مقفلة ليس الى دولة ثالثة ولا الى اي مكان آخر كما ليس امام بقائه بالتأكيد.
ولا تعتقد مصادر سياسية عليمة في بيروت ان لبنان وما يشهده من تصعيد على المستوى الامني يعاني من "الاضرار الجانبية" للحرب في سوريا. اذ تخشى ان يكون في اعتبار تدخل "حزب الله" المباشر فقط ومتطرفين آخرين في الحرب السورية السبب الرئيسي لهذه الحوادث كرد فعل على هذا التدخل الكثير من التبسيط من دون اهمال او تجاهل ان هذا التدخل اضر بلبنان وكشفه كلياً امام انفلاش الحمم السورية وانتقالها اليه، وتالياً أضر باستقراره كثيراً، كما انه مهد في الوقت نفسه أمام فتح باب المعركة في لبنان استكمالاً للحرب في سوريا. فما يجري في الاردن مثلاً من استقبال لاعداد متزايدة من اللاجئين قد يجوز اعتباره من ضمن الاضرار الجانبية للحرب السورية، كما الحال بالنسبة الى تركيا ايضاً على هذا الصعيد.في حين ان لجوء لاجئين سوريين الى لبنان قد يقع ضمن هذه الاضرار، وكذلك سقوط قذائف على الجانب اللبناني من الحدود في الشمال او البقاع في بعض الاحيان. لكن يصعب ادراج التفجيرات الارهابية الأخيرة او حتى اطلاق الصواريخ أخيراً في اتجاه إسرائيل من ضمن هذه الخانة وقبلهما اطلاق صواريخ على قصر بعبدا ومناطق اخرى. إذ تعتبر المصادر السياسية المعنية ان لبنان غداً ساحة كما كان دوماً تخاض عليها راهناً حرب تحقيق مكاسب تحضيراً للآتي في سوريا او بديلاً منها. إذ ان القوى الحليفة للنظام ولا سيما منها ايران تدرك جيداً ان دعمها للاسد لا بد أن ينتهي في وقت ما وهو لن يدوم مهما طال الزمن أو مهما اسقط من ضحايا. في المقابل فان لديها حيثية ووجودا في لبنان تسعى الى حمايتهما. فبدا لافتا بالنسبة الى هذه المصادر مثلا جملة امور تتصل بـ"حزب الله" قد تكون تركت علامات استفهام، ولكنها ليست ايضا من دون مدلولات معينة بالاستناد اولاً الى العنوان الاساسي الاخير الذي رفعه الامين العام للحزب من اجل تبرير تدخله في الحرب السورية بعد الدفاع عن مقام السيدة زينب او منع الحرب من الوصول الى لبنان. وهذا العنوان كان محاربة التكفيريين بحيث أدرج الحزب نفسه جنباً الى جنب مع الدول الاقليمية وليس مع النظام السوري حصراً في مواجهة هذا العدو المشترك بما يجعله في موقع الاصطفاف المختلف عما هو معهود عنه اي الى جانب الاميركيين والغرب عموما. وكان لافتاً على نحو مفاجىء أيضاً رمي المسؤولية على عاتق التكفيريين في إنفجار الرويس في الضاحية الجنوبية على نحو مغاير للاتجاه الذي أخذه سياسيون لبنانيون حماية للداخل ومنعا لتسعير الفتنة في اتجاه إسرائيل. وهو تطور ردت عليه إسرائيل حين نفت بدورها عن الحزب مسؤولية اطلاق الصواريخ يوم الخميس في 22 الجاري من منطقة قرب صور في الجنوب وحملت الدولة اللبنانية المسؤولية واطلقت صاروخا على منطقة الناعمة، بحيث رمت المسؤولية على فصيل فلسطيني مؤيد للنظام السوري. وبالتزامن مع "المرجعية" التي يشكلها الحزب من اجل ضمان استقرار الجنوب او طريق المطار او اطلاق المخطوفين الاتراك، ثمة دور كحام وضامن للوضع اللبناني يتطلع اليه الحزب وداعمه الاقليمي الاساسي من اجل حماية دوره وموقعه في لبنان يعتبر كثر انه يماثل ما طمح الى تكريسه لنفسه النظام السوري في لبنان مع الدول الغربية على رغم الخصومة المعلنة التي كان يرفعها في وجه الولايات المتحدة. وهو ما تعتقد المصادر المعنية ان الغرب قد يتجاوب معه متى ضعف امام التهديدات والمخاطر التي تتهدد استقرار لبنان مما يجعل الدول الغربية تخشى عليه من التفكك والانهيار، فتسلم تاليا بامر واقع ما تحت ضغوط امنية كبيرة او ما شابه.
ومن ضمن هذا الاطار اي تحول لبنان ساحة رديفة للحرب السورية يغدو مستحيلاً التوافق على اي اسلوب معالجة اكان ذلك عبر تأليف حكومة سريعا او الانفتاح والحوار على الآخر، نظراً الى ان الكباش متصل بهذه الحرب و فصولها المتتابعة ولا يزال مبكرا انتهائها سريعا، اقله وفق ما تعتقد المصادر المعنية التي تخشى ازدياد منسوب الخطر الامني اكثر فاكثر تبعا لهذا التقويم.