الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الاعتداء الطائفي على المسجد العمري في درعا

الاعتداء الطائفي على المسجد العمري في درعا

18.04.2013
د. عوض السليمان

العرب القطرية
الخميس 18/4/2013
لا نشك أن حقد النظام على محافظة درعا يتجاوز كل حد يمكن للمرء أن يتصوره. فدرعا هذه هي من فجر الثورة السورية المباركة، أي هي التي ستطيح برأس الأسد قريباً، ولنقل إنها هي من أطاح بالفعل برأس الأسد في اللحظة التي سال فيها دم حسام عياش على ثراها الطاهر.
وإن كان الحقد على درعا حادّاً فلأنه ممتزج بين انطلاقة الثورة وبين الحقد الطائفي البغيض الذي يغذيه الأسد من جهة وحزب الله وإيران من جهة أخرى. وعلينا أن نعلم جميعاً أن نصيب درعا كان في يوم الثامن عشر من مارس عام 2011، ثلاثمائة قناص اعتلوا المباني وأطلقوا النار على أهالي المدينة السلميين بمن فيهم الأطفال والنساء، بل واستهدفوا بعض الناس في بيوتهم فقتلوهم من خلال النوافذ المفتوحة.
لا نحتاج إلى كثير من التفكير حتى نفهم الحقد الأسدي على المسلمين في أي مكان في العالم وليس في سوريا فحسب، بل حتى في إيران نفسها، فكيف إذاً ونحن نتحدث عن المسجد العمري، وما أدراك من عمر رضي الله عنه، قاهر الكفرة حياً وميتاً. وبهذا المنطق نستطيع أن نفهم لماذا دمر بشار الأسد وداعموه الطائفيون حتى اليوم ما يقارب من 785 مسجداً على التراب السوري، ولماذا يسربون المصوَّرات التي تبين اعتزازهم خاصة بإيذاء مسجد خالد بن الوليد في حمص والمسجد العمري في درعا.
إن الاعتداء على المسجد العمري اليوم، يعني اعتداء على تاريخ سوريا وثقافتها ودينها وشعبها، إذ كيف يتجرأ بشار الأسد هذا على تدمير مئذنة مسجد بني في السنة الرابعة عشرة للهجرة. أمر ببنائه عمر رضي الله عنه وأشرف على تشييده أبوعبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما. ليس هذا فحسب، بل تعلّم في هذا المسجد وعلّم فيه كبار علماء الإسلام وثقاتهم، ومنهم الإمام النووي، وابن كثير، وابن قيم الجوزية، والقاضي محمد بن محمد بن أبي العز الأذرعي، وإسحق بن إبراهيم الأذرعي، والإمام شهاب الدين أبو العباس الأَذرعي.
يعتقد الأسد أنه بتدميره مساجد سوريا يستطيع القضاء على المسلمين وإنهاء ثورتهم، ولكن الجاهل لا يعلم أنه ومن خلال هذه الأفعال الإجرامية المشينة يزيد الثورة اشتعالاً، ويرفع إصرار الثوار على سحله في شوارع سوريا. فمن الواضح أنه، وبسبب ثقافته الضحلة، يعتقد أن قلوبنا في المساجد فحسب، ولا يدرك أن المساجد في قلوبنا أيضاً، وأنها علاقة حب مستمرة منذ أكثر من أربعة عشر قرناً.
إنني أنتظر من لواء اليرموك والكتائب المقاتلة في درعا مهد الثورة، رداً مزلزلاً يرضي حجارة المسجد التي سقطت. أما عن المسجد فلا بأس عليه، فسيعيد السوريون ترميمه، وسيبقى شاهداً على عمر وأبي عبيدة ومعاذ رضي الله عنهم، كما سيبقى شاهداً على طائفية العدو وإجرامه.