الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الاعتذار السعودي

الاعتذار السعودي

21.10.2013
طاهر العدوان


الرأي الاردنية
الاحد 20/10/2013
ردت السعودية بالاعتذار على قرار منحها عضوية دائمة لمدة عامين في مجلس الامن ولم تكتف بذلك بل أعلنت الأسباب التي دعتها الى هذا الموقف وهي عجز المجلس عن القيام بدوره في الشرق الاوسط ، ومن علامات هذا العجز فشله في حل القضية الفلسطينية والأزمة السورية ومشكلة إخلاء المنطقة كلها من الأسلحة النووية بما في ذلك اسرائيل ، كما اتهمت المجلس بازدواجية المعايير .
 الاعتذار السعودي يعكس حالة الإحباط التي تعم العالم العربي من عجز المجتمع الدولي في حل قضايا المنطقة . و الحقيقة ان جميع الأوصاف والاتهامات التي قيلت في مجلس الامن تشير بالاتهام الى دور ومواقف الدول الخمس الكبرى التي تملك حق النقض (الفيتو) وفي مقدمتها الولايات المتحدة وروسيا . لان المجلس ما كان ليصل الى الحال الذي وصل اليه لو ان واشنطن وموسكو لم تحولا مداولاته الى ساحة لتسجيل النقاط في أجندة مصالحهما الخاصة ، دون اي اعتبار لقضايا الشعوب التي تقتل وتدمر اوطانها في فلسطين وسوريا وغيرهما من بلدان الشرق الاوسط .
 لم يعد اقرار السلام الدولي مهمة مجلس الامن بعد ان تحول الى مكان لإطالة أمد الحروب والأزمات ، والتفرج على معاناة الشعب الفلسطيني والشعب السوري لان كل من يدخل البيت الأبيض من الرؤساء الامريكيين يتحول الى درع حماية للاحتلال الاسرائيلي وجرائمه على حساب حقوق الشعب الفلسطيني ، ومأساته المقيمة المستعصية على كل الحلول ، رغم جميع القرارات الدولية المؤيدة لهذه الحقوق ، ومن جانب آخر لان صاحب الكرملين منتشي بإنجازاته التي يحققها بأنهار الدماء السورية بعد ان فشل المجلس بإدانته في الشيشان . .
 الاعتذار السعودي الذي يفتح ملف مجلس الامن ينكأ جروحاً عميقة اخرى لا تعد ولا تحصى ، لانه في البحث عن الاسباب التاريخية لتدهور دور المجلس في المنطقة نجد ان العرب اول من أضعف هذا الدور ، ان لم يكونوا قد أنهوه منذ وقت طويل خاصة في القضية الفلسطينية عندما تم سحب ملفها وملف قضية الأراضي العربية المحتلة من عهدة المجلس صاحب القرار ٢٤٢ ووضعها في عهدة واشنطن ، الحليف الاستراتيجي المخلص لإسرائيل والصهيونية العالمية . حدث هذا منذ توقيع اتفاقيات الفصل الكيسنجرية في سيناء والجولان ليتداعى منذ ذلك الحين دور مجلس الامن في حل أزمات المنطقة وينتهي تماماً في مؤتمر مدريد ثم وأوسلو وصولا الى اتفاقيات كيري لافروف الأخيرة .
 انتهى دور مجلس الامن في صنع السلام بالشرق الاوسط منذ ان ضعفت الجامعة العربية وتحولت اتفاقيات الدفاع المشترك والتضامن العربي الى قصاصات ورق بعد ان استبدلها السادات في كامب ديفيد بأوراق ترمى في السلة الامريكية واذا بها سلة للمهملات ، فكانت الانهيارات التي جعلت العرب وقضاياهم ( كالأيتام على موائد اللئام ).
 الاعتذار السعودي يمثل رسالة اعتراض على تردي واقع مجلس الامن بما يتطلب اصلاحه وتحريره من قبضة احتكار الفيتو ، كما انه يخلق مناسبة للبحث في البدائل الجدية والفاعلة لمتابعة قضايا الامة مثل ضرورة مراجعة الحكومات العربية لمواقفها تجاه قضاياها وامنها واستقرارها ، والعمل على استعادة الجامعة العربية لدورها كحاضنة للتضامن العربي ( الجدي والفاعل ) وتطوير المواقف لتصل مرتبة القوة الضاغطة المؤثرة ( وليست الهامشية ) في مجلس الامن وعلى الساحة الإقليمية والدولية .