الرئيسة \  تقارير  \  الاناضول :عقب "مأساة يناير".. ما المنتظر من سياسة "كازاخستان الجديدة"؟ (تحليل)

الاناضول :عقب "مأساة يناير".. ما المنتظر من سياسة "كازاخستان الجديدة"؟ (تحليل)

03.02.2022
نور سلطان وميرمغل حسينوفا


 الأناضول       
الاربعاء 2/2/2022
يقول خبراء من كازاخستان إن سياسة بلادهم الجديدة التي أطلقها الرئيس قاسم جومرت توكاييف، بعد الأحداث التي وقعت مطلع يناير/ كانون الثاني الماضي، ستقود البلاد إلى تحولات مهمة على صعيد البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية، وتحدث تغييرات جذرية تضع كازاخستان على أعتاب حقبة جديدة.
وتحاول كازاخستان مداواة جراحها بعد ما يسمى بـ "مأساة يناير" التي راح ضحيتها نحو 225 شخصًا، بالتزامن مع إحكام توكاييف قبضته على جميع السلطات السياسية، وسحب الامتيازات التي تمتع بها الرئيس السابق المؤسس نور سلطان نزارباييف، الذي حكم قرابة 30 عامًا.
وفي خطابه أمام البرلمان في 11 يناير، دعا توكاييف جميع أفراد الشعب إلى التعاون والتعاضد من أجل تأسيس "كازاخستان جديدة"، قائلًا: "أنا أدعو الجميع للمشاركة في تأسيس كازاخستان الجديدة"، ما اعتبره الخبراء بداية لعهد سوف يشهد حراكًا مهمًا في مجال الإصلاحات.
وقال صنعت قوشقومباييف، نائب رئيس المعهد الرئاسي للدراسات الإستراتيجية في الرئاسة الكازاخية، إن الاحتجاجات التي بدأت ضد ارتفاع أسعار المحروقات في مدينة "جانغا أوزن" (جنوب غرب) في 2 يناير الماضي، سرعان ما امتدّت إلى مناطق أخرى في البلاد.
وأضاف قوشقومباييف، لمراسل الأناضول، أن البلاد رزحت لسنوات تحت وطأة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي جرى التعتيم عليها، واصفًا الأحداث الدامية الأخيرة بأنها "الأزمة الأكثر شمولًا في تاريخ كازاخستان المستقلة".
وتابع: "إن مشاكل مثل البطالة المقنعة وعدم المساواة في الدخل والفجوة بين الأغنياء والفقراء واختلال التوازن الكبير في التنمية بين المناطق المصدرة للثروات الباطنية والمناطق الأخرى، ساهمت في امتداد رقعة الاحتجاجات".
وأوضح أن أحداث يناير ينبغي تقسيمها إلى مرحلتين، وأوضح: "بدأت احتجاجات المواطنين لأسباب مبررة بين 2 و 4 يناير، وسعى المواطنون للتعبير عن سخطهم حيال بعض القضايا الاجتماعية والاقتصادية، وذلك قبل أن تسيطر العناصر المتطرفة على الحراك الاجتماعي اعتبارًا من 5 يناير".
وأردف: "لقد قامت العناصر المتطرفة بالاستيلاء على المباني العامة وإضرام النار في الممتلكات الخاصة والقيام بأعمال النهب، ثم اختبأت خلف المتظاهرين وعمدت إلى الاستيلاء على مبانٍ استراتيجية".
وأشار إلى أن المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تسببت في اندلاع الاحتجاجات السلمية جرى استغلالها من العناصر المتطرفة، وأن المهمة الرئيسية للحكومة، كانت العمل من أجل منع حدوث أحداث مماثلة في المستقبل.
ولفت إلى أن سياسة "كازاخستان الجديدة" التي أعلنها الرئيس توكاييف لم تكن مصادفة، بل تشكل نموذجًا مهمًا للعلاقة بين الحكومة والشعب، حيث أنه في إطارها سيتم الاعتماد على أسماء اشتهرت بالنزاهة ووضع قوانين تقضي على الاحتكار الاقتصادي والالتزام بتطبيق إصلاحات سياسية جديدة، للقضاء على المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة منذ سنوات.
وأفاد قوشقومباييف بأن السياسة الجديدة التي أطلقها الرئيس، سوف تضع البلاد على أعتاب نظام سياسي جديد، يتخلى عن عصر الرئيس السابق والمؤسس نورسطان نزارباييف، ويسحب الامتيازات التي كانت بحوزته.
فيما ذكر الخبير السياسي، دوسيم ساتباييف، أن النظام السابق منع من تشكل طبقة وسطى في البلاد على مدى 30 عامًا، مشيرًا إلى أهمية الدور النشط للطبقة الوسطى في ترسيخ الديمقراطية والقيم الأخرى في المجتمع.
وأوضح الخبير لمراسل الأناضول، أن ترسيخ وجود الطبقة الوسطى داخل المجتمع، يعتبر أحد الخطوات الرئيسية في سياسة توكاييف الجديدة، وأن الحكومة الجديدة في كازاخستان سوف تعمل على إحداث توازن بين الاقتصاد والسياسة.
** انعدام العدالة في الاقتصاد تسبب بالمأساة
من جهته، قال سابارباي جوبايف، المحاضر في قسم الاقتصاد بجامعة كازاخستان للتكنولوجيا والأعمال، إن السياسة والاقتصاد في البلاد خدمت مصالح المجموعات الثرية على امتداد 30 عامًا.
واعتبر جوبايف في حديثه للأناضول، أن تحقيق البلاد مشاريع استثمارية مهمة مكنتها من أن تصبح أكبر اقتصاد في آسيا الوسطى خلال الأعوام الـ 30 الماضية، إلا أن مجموعة صغيرة من المنتفعين هي وحدها التي استفادت من تلك المشاريع.
وتابع: "تسببت حالة انعدام العدالة في الاقتصاد في وقوع مأساة يناير، لاسيما مع استحواذ المجموعات الثرية على السلطة، وسعيها إلى الاستثمار في المواد الخام، ومنعها تطور القطاعات الأخرى".
كما نوه جوبايف بأن سياسة "كازاخستان الجديدة" سوف تساهم في إحداث تغييرات جذرية في الاقتصاد، على رأسها إجراء عملية تجديد في صندوق الثروات الوطنية، وزيادة حصة الشركات الصغيرة والمتوسطة في السوق المحلية والاقتصاد الوطني وتقليص حصة الدولة في الاقتصاد ودعم قطاع الخصخصة.