الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الانتقام الروسي من الشعب السوري..؟

الانتقام الروسي من الشعب السوري..؟

29.11.2015
داود البصري



الشرق القطرية
السبت 28/11/2015
مع تصاعد حرارة الموقف في الشرق الأوسط وعلى الجبهة السورية المشتعلة بعد إسقاط سلاح الجو السوري لطائرة السوخوي الروسية، تغيرت معادلات الصراع وملفات أوراقه المتضخمة صوب نهايات مفتوحة للصراع على مختلف الاحتمالات وأهمها، أن الحرب السورية قد دخلت منطقة التدويل الواضح مع الإصرار الروسي على الزج بالآلة العسكرية الروسية في أتون صراع داخلي سوري شرس أضحت معه الحماية الروسية للنظام السوري الآيل للسقوط والمعتمد على الحقن الخارجية لاستمرار حياته، أمرا مفروغا منه بل في صلب الإستراتيجية الروسية للمدى المنظور على الأقل!
فبعد حادث الطائرة اختفى صوت النظام السوري تماما، بل تلاشى وتوارى خلف الموقف الروسي وبما يعني بأن سوريا اليوم تعيش تحت انتداب روسي كامل أفرز عن مخالبه وأنيابه بشكل غير مسبوق، وأنتج توترا حادا بين روسيا وحلف الناتو الذي له مع الروس ملفات مفتوحة وساخنة في الساحة الأوكرانية على وجه التحديد!، ومن الطبيعي أن يتساءل العالم عن طبيعة الرد الروسي على ما حصل، خصوصا وأن الآلة العسكرية الروسية تعرضت لإذلال غير مسبوق وبما يذكر الروس بالتجربة الأفغانية المرة التي كانت سببا مركزيا من أسباب انهيار الاتحاد السوفيتي السابق بعد سنة من الانسحاب العسكري من أفغانستان. وحجم الخسائر الرهيبة التي تحملها الجيش السوفيتي الأحمر في حمايته للنظام الشيوعي الأفغاني الذي انتهى تماما بعد الرحيل السوفيتي وانكشافه بالكامل!، نفس التجربة ولكن تحت الراية الروسية تخوضها القيادة الروسية اليوم في البطاح السورية وهي تدافع عن آخر معاقلها شرقي المتوسط، وتحاول حماية نظام إرهابي مستهلك انتهى عمره الافتراضي وبات عبئا على نفسه وعلى مؤيديه وداعميه سواء كانوا إيرانيين أم ميليشيات طائفية قدمت الغالي والنفيس كثمن لاستمرار النظام دون جدوى!، بل إن الآلة العسكرية الإيرانية قد تحملت النزر الأكبر من الخسائر من خلال خسارتها لحوالي ثمانين من كبار قادة الحرس الثوري وبعضهم صاحب تجربة عسكرية قديمة تعود لفترة الحرب العراقية/الإيرانية (1980/1988) مثل الجنرال حسين همداني الذي هزت خسارته المؤسسة العسكرية الإيرانية!، وحتى قائد فيلق القدس الشهير السردار قاسم سليماني تعرض في معارك ريف حلب الجنوبي لإصابات مباشرة كانت سببا لسحبه لطهران للعلاج ولا يعرف بعدها مصيره!! أي أن الحليف الإيراني تعرض لانتكاسة كبرى ليس من السهل مدارة خروقها، ولا معالجة آثارها في فترة قريبة!، اليوم يبدو المشهد العسكري الروسي في مأزق حقيقي، فجثة الطيار الروسي سوف لن تكون الفصل الأخير في المواجهة المفتوحة! بل إنها نقطة البداية لتطورات لا يعلم أحد عن مدياتها المستقبلية، ولا عن تأثيرها على الأمن والسلام ليس في الشرق فقط، بل في العالم أيضا، فالقيادة العسكرية الروسية لن تهضم ما حصل بسهولة رغم الاحتواء السياسي لما حصل، وقد ترجم الموقف العسكري الروسي عن نفسه من خلال عمليات القصف الجوي والمدفعي المركز لمقرات ومناطق المعارضة السورية خصوصا في القطاع الشمالي من ساحة العمليات، وسيكون الرد الروسي المؤكد هو الاستمرار في توجيه الضربات العنيفة والدموية نحو أهداف مدنية محضة دون أي التفات أو اهتمام لمناشدات المجتمع الدولي!، بل إن عمليات التدمير الشامل ستشمل استعمال مختلف أنواع الأسلحة الأشد تدميرية وحتى المحرمة دوليا!، إنها الحرب الروسية المفتوحة لإبادة الشعب السوري ومحاولة فرض حقائق إستراتيجية جديدة تتمثل في الإصرار على بقاء رأس النظام السوري والتشدد المفرط في شروط الحل السياسي، والتهرب من أي التزامات قد تؤدي لتفكيك النظام السوري!، الحقد سيكون سيد الموقف، والروس المحاصرون في أكثر من موقع يعلمون علم اليقين بأن خسارتهم الإستراتيجية في الشام برحيل النظام السوري تعني محاصرتهم في عقر دارهم إن لم يستطيعوا فرض شروطهم على الغرب في ملفات عديدة!، الروس يقاتلون وظهرهم للحائط ويتصرفون تصرف اليائس والنمر الجريح!، سيتعين للأسف على الشعب السوري أن يدفع أثمان مضاعفة من حملات الانتقام الروسية التي تذكرنا بما فعلوه بالعاصمة الشيشانية غروزني!!، الانتقام الروسي بلا حدود ولكنه قطعا لن يكون أو يمر من دون رد لربما سيكون منعطفا حادا في صراع مصيري مفتوح على مختلف الاحتمالات.. من يحمي السوريين من حملات الانتقام النازي الروسية؟ تلك هي المسألة..؟