الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الانخراط العلني لـ"حزب الله" في سوريا...أمر واقع تعجز الدولة عن مواجهته

الانخراط العلني لـ"حزب الله" في سوريا...أمر واقع تعجز الدولة عن مواجهته

23.04.2013
روزانا بومنصف

النهار
الثلاثاء 23/4/2013
يرى سياسيون معارضون لـ"حزب الله" في كشفه عن انخراطه او عدم اخفاء هذا الانخراط في الحرب السورية الى جانب النظام مجموعة امور ايجابية في المطلق لجهة ظهور عجز النظام من جهة عاجزا عن الامساك او السيطرة على القرى والمدن السورية وانه في حاجة الى دعم القوى الحليفة له من اجل دعم صموده، ولجهة خسارة الحزب هالته السابقة المبنية على اعوام من مقاومة اسرائيل وتحويل قوته من اجل مواجهة السوريين في حرب كان يمكن له في ظروف اخرى ان يقول إنها لا تخدم سوى العدو الاسرائيلي لولا انه طرف الى جانب النظام في هذه الحرب. وثمة من يرى في هذا الانخراط كشفا لوجه مذهبي في الصراع الجاري في سوريا لم يعد الحزب يتمكن، ومعه ايران، من البقاء خارجه. يضاف الى ذلك محاولة البعض المقارنة بين هذه التجربة المستجدة للحزب مع تجربة منظمة التحرير الفلسطينية وخطئها القاتل حين اعتبرت ان طريق فلسطين تمر في جونية كما يتصرف الحزب اليوم بأن طريق المقاومة تمر عبر المدن والقرى السورية.
 إلا ان المشهد مقلق جدا بالنسبة الى غالبية الاوساط السياسية ومن ضمنها بعض القوى في 8 آذار، حتى لو لم تجاهر بذلك علنا. اذ ان كلام الرئيس السوري بشار الاسد الرافض والمنتقد لسياسة النأي بالنفس التي اعتمدها لبنان ليس جديدا في جوهره نظرا الى المخاوف الكبيرة التي رافقت انطلاقة الثورة في سوريا على لبنان والخشية من ارادة قوية لدى النظام عبر عنها مرارا في شكل او في آخر للتهديد باستدراج لبنان الى اتون حربه. وكان هذا متوقعا ولا يزال لولا انه تم رصد عدم رغبة "حزب الله" في المرحلة الماضية في التورط في الحرب السورية وانه ما دام الحزب رافضا لمحاولات استدراج لبنان قسرا، فان البلد يبقى آمنا او مستقرا نسبيا نظرا الى ان من يعتمد عليهم النظام غير الحزب لا يتمتعون لا بالقدرة ولا بالامكانات للقيام بذلك. وسبق للامين العام للحزب السيد حسن نصرالله ان تحدث مرارا عن امكان ان يكون لكل فريق رأيه في الحرب السورية لكن من دون التدخل فيها ميدانيا وذلك في معرض اتهامه خصومه بدعم الثوار السوريين.
إلا انه مع عدم اخفاء الحزب دوره في الحرب السورية، والتي اوجد لها مبررات يحاول تسويقها ضمن جمهوره، فان ثمة مخاوف ومخاطر كبيرة باتت تترتب على الوضع في لبنان. فمن جهة هناك احتمال الحرب التي يمكن ان تفتح في حال قرر الجيش السوري الحر الرد على تدخل الحزب او اذا سعى هذا الاخير الى الرد انطلاقا من الهرمل نظرا الى غرابة طلب نوابه من الجيش اللبناني التورط في حرب مع الجيش السوري الحر كأنه في مكان واحد مع النظام السوري فيما تسيطر عناصره على قرى داخل الحدود السورية. فهذا الطلب لا ينطوي على اعتماد الجيش اللبناني درعا للحماية وفق ما يفترض ان يكون عليه الوضع والا لكان دعم الحزب من الاساس ضبط الحدود بين البلدين. وفي حال تولى الحزب القصف من الهرمل او جوارها فمن المحتمل ان يورط لبنان في حرب مباشرة.
ومن جهة اخرى وضع الحزب رئيس الحكومة المكلف كما رئيس الجمهورية ولبنان ككل امام امر واقع لا قدرة لهم على مواجهته، اذ هو انهى عمليا سياسة النأي بالنفس وفي شكل نهائي بمعنى ان مروحة المعركة في سوريا قد اتسعت وادخل لبنان في الصراع الاقليمي الواسع. ومع ان تدخل الحزب يوضع على قدم المساواة مع تهريب اسلحة ومسلحين سنّة الى سوريا، فإن ثمة اجماع سياسي على عدم امكان المقارنة بين قدرات الحزب وجهود جماعية او فردية منسقة او غير منسقة. فالخطورة في هذا الاطار ان الحزب لم يربط مساره ومصيره بالنظام السوري فحسب بل يسعى الى ربط مصير لبنان ومساره ايضا بالحرب السورية وفق ما يرى كثر مما يخشى معه على لبنان من الحرب ايضا. ذلك ان الشق المتعلق بدعم الحزب للنظام يفيد ان الطائفة الشيعية باتت جزءا من هذه الحرب كما في انتقال شيعة عراقيين ايضا للمحاربة الى جانب النظام. وهذا الامر لا يستهان به وهو اشبه بفتيل لن يتأخر في الاشتعال اياً تكن العناوين او الذرائع التي تقدم للمشاركة في هذه الحرب، وهذا يقع في تداعيات المدى القريب جدا.
وتلقي هذه التطورات بثقلها على مساعي تأليف الحكومة بحيث يصعب جدا رؤية حكومة تغطي هذا الدور او تتجاهله خصوصا اذا كانت ستعيد تصحيح بعضا مما لحق بالعلاقات اللبنانية مع الدول العربية، لا بل ان هناك من رأى في استقبال الرئيس السوري لاحزاب وشخصيات حليفة له بمثابة رد على عودة المملكة السعودية الى الواجهة اللبنانية للقول إنه لا يزال يملك رصيدا في لبنان يمكنه التأثير من خلاله وله كلمته وان لبنان في قلب النار كما قال ولا يمكن تدعيم سياسة النأي بالنفس او اكثر عبر جذب لبنان الى خارج محوره مع ايران وفق ما يثبت دور "حزب الله" في سوريا. ولذلك فان التفاؤل بقرب ولادة الحكومة او بحكومة قبل التمديد المحتمل لمجلس النواب او باحتمال اجراء الانتخابات النيابية يبدو وفق سياسيين كثر في غير محله ومبالغاً فيه بقوة.