الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الانسحاب الروسي أسبابه وأبعاده

الانسحاب الروسي أسبابه وأبعاده

19.03.2016
إبراهيم الشدوي


الشرق القطرية
الخميس 17-3-2016
عندما أعلنت روسيا انسحابها من سوريا قبل أيام قليلة اعتبر الكثيرون أن هذه الخطوة نصر وأن روسيا لم تخرج إلا لأنها منهزمة أو تشعر بالهزيمة بينما في الحقيقة أن روسيا لم تسحب إلا جزءا من قواتها بعد إحكام سيطرتها على مناطق في سوريا وتثبيت قواعدها الجوية فيها وما زالت تلك القواعد تحت سيطرة روسيا.
وتأتي هذه الخطوة لشد أحزمتها من جديد بعد انخفاض الناتج المحلي في روسيا ولتقليل تكاليف الحرب. فهي خطوة للخلف لم تمكث كثيرا حتى تعود كما كانت. (بعد التمكن من تغطية تكاليف الحرب الباهظة في المستقبل).
وعندما نبحث عن الأسباب، نجد أن من الأسباب التي أدت إلى انسحاب روسيا جزئيا، تحقيق هدفها من خلال التدخل. أولا تثبيت قواعدها في الشرق الأوسط، وثانيا منعت من انهيار حكومة (بشار الأسد) ومكنت لها من استعادة قواها بعد أن كانت قاب قوسين أو أدنى من الانهيار. وكذلك استعادة الأراضي التي فقدتها قوات الأسد لصالح المعارضة. فقد ضمن (بوتين) حماية هذا النفوذ من خلال تدخله العسكري.
مما عكس ذلك حقيقة التدخل الروسي الفاحش فروسيا عندما أرادت الدخول دخلت تحت غطاء محاربة الإرهاب وداعش. بينما الحقيقة أنها كانت تحارب المعارضة المعتدلة وتقوي شوكة الأسد لكي تتفادى انهياره. وقد اثبت الواقع قصف (بوتين) المدنيين وتشريدهم وتفاقم أزمة اللاجئين. وثبت كذلك معاناة الشعب السوري من جراء القصف الروسي على المستشفيات التي تسيطر عليها المعارضة!!
فبدلا من أن ننظر إلى الانسحاب الروسي على أنه نصر لنا وهزيمة لـ(بوتين)! من الأفضل أن ننظر إليه على أنه فوز متبادل. فروسيا فازت في تحقيق أهدافها والعرب فازوا بإيقاف القصف على المدنيين والمعارضة المعتدلة في سوريا. وإذا استمر وقف إطلاق النار وتم الوصول إلى إرساء لأسس تسوية سياسية فهذا يعتبر فوزا لنا. فالانسحاب يعزز من فرص وقف إطلاق النار وعودة الاستقرار.
وبالنظر إلى الحرب الباردة التي تخوضها روسيا والولايات المتحدة على (حساب الدم العربي) فإن روسيا قد انتصرت وأرغمت الولايات المتحدة ألا تتجاهل مصالحها. وقد حصل ذلك بالفعل بعد قبول الولايات المتحدة المفاوضات (بوجود بشار الأسد على الساحة السياسية) بعد أن كان موقفها الأصلي (استبعاد بشار من الساحة السياسية في سوريا)!
فالحقيقة المرة أن بداية التدخل الروسي كانت لإنقاذ بشار وحقيقة الانسحاب هي واضحة المعالم، فقد حققت روسيا هدفها ومكنت بشار وجعلت من بقائه مطلبا للتفاوض ولوقف إطلاق النار بعد أن استعادت الأراضي التي فقدها بشار من المعارضة. وصنعت لها قواعد جوية في الشرق الأوسط فهي لم تنسحب انسحابا كليا بل جزئيا.
ومع تضارب مصالح دولتين عظيمتين فبلا شك أن منطقة الشرق الأوسط سوف تبقى مضطربة وخطيرة أكثر من السابق، لأنه حان الوقت لإعلان الفائزين والخاسرين من الحرب في سوريا، فمعالم النصر واضحة فرغم الانسحاب إلا أن بوتين وبشار باستطاعتهما إطلاق الرصاصات والعودة في أي لحظة وقد تعود روسيا قوية بعد أن يقوى اقتصادها. بشراكتها مع (إسرائيل) في تأمين وتطوير خطوط الغاز الطبيعي!
أخيرا لست أنا من يعلن من هو الفائز والخاسر فإن هنالك بعضا من الجمهوريين في الولايات المتحدة يرجحون أن (بوتين) قد فاز من جديد ونجح في تحقيق أهدافه في سوريا ونجح في محاصرة الولايات المتحدة وأرغمها على التنازل عن مطالبها والتخلي عن مطلبها الأصلي وهو رحيل الأسد، وأن تعطي مصالح روسيا في المنطقة أهمية في أي حل سياسي يطرح.
فيا أيها العربي إن شعورك بالفوز ما هو إلا هرطقة إعلام فاسد يقلب الحقائق، فأي نصر تتغنون به بعد مقتل 300 ألف سوري وتشريد 5 ملايين لاجئ!!