الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الانسحاب الروسي من سوريا

الانسحاب الروسي من سوريا

22.03.2016
د. هايل ودعان الدعجة


الرأي الاردنية
الاثنين 21-3-2016
يبدو ان الجو العام الذي رافق الازمة السورية في ظل التدخلات الاقليمية والدولية ، قد قاد الى تأزيم الموقف وتعقيده بطريقة أثارت الشكوك حول حقيقة الاهداف من وراء هذه التدخلات التي اسهمت في اتساع نطاق الصراع والتهديدات والمخاطر المرتبطة به. وبدا ان المنطقة مقدمة على لحظة انفجار حقيقية تنذر بوقوع كارثة خطيرة ، خاصة مع التدخل الروسي في مسرح الاحداث ، والذي أحدث تغيرا في موازين القوى بشكل اثار قلق اطراف اقليمية كالسعودية وتركيا وأخذ يهدد مصالحهما وأمنهما ، ما أدى إلى شحن الاجواء بالمزيد من التوتر والتصعيد بحيث باتت ساحة الصراع مفتوحة على كل الاحتمالات ، التي قد تصل حد المجابهة بين أطراف أقليمية ودولية وتقود الى حرب عالمية. ما جعل من الدفع بأتجاه الحل السياسي وتكثيف الجهود السلمية الخيار المفضل لدى كافة الاطراف. ولزيادة وتيرة هذا الدفع قامت روسيا بأتخاذ خطوتها المفاجئة ، وانتقلت من العمل العسكري إلى العمل السياسي ، بعد ان اعتبرت انها هيأت الظروف المناسبة لاجراء مفاوضات سلمية ، حيث أعلنت عن انسحاب قواتها من سوريا ، لتعزز بهذه الخطوة من فرص نجاح مسار مفاوضات جنيف التي انطلقت الاسبوع الماضي ، استنادا الى مقررات جنيف ( 1 ) حول الانتقال السياسي ، وتشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة ، خاصة ان روسيا ادركت انه لا أمكانية لعودة الاوضاع في سوريا الى ما قبل عام 2011. ما يرجح اعتبار الخطوة الروسية أداة ضغط على النظام السوري المستفيد الابرز من تغير موازين القوى على وقع التدخل الروسي ، للانخراط في هذه المفاوضات بشكل جدي ، بعيدا عن وضع التعقيدات على طاولة التفاوض. كذلك فان روسيا مقتنعة بأنها حققت مزايا سياسية من وراء تدخلها في سوريا ، ان كان على صعيد فرض وجودها في مشهد المفاوضات السلمية بين الاطراف السورية المتنازعة وبما يتوافق ومصالحها ، أو على صعيد إثبات حضورها وتأكيد دورها كقوة فاعلة في الساحة العالمية.
اضافة الى انها على ما يبدو ليس لديها الاستعداد للذهاب أكثر في مواصلة حملتها العسكرية الباهظة التكاليف في ظل اوضاعها الاقتصادية الصعبة ، وهي على ثقة ايضا باستحالة حسم النزاع السوري عسكريا ، وتخشى الانجرار والتورط في حرب طويلة والوقوع في المستنقع السوري على غرار المستنقع الافغاني ، خاصة إذا ما انهار إتفاق وقف إطلاق النار ، وقامت أمريكا بتنفيذ خطتها البديلة القائمة على فرض مناطق حظر جوي ، ومناطق أمنة للاجئين السوريين داخل الاراضي السورية ، وارسال قوات خاصة إضافية وتدريب مسلحي المعارضة وتزويدهم بالاسلحة والاستشارات والمساعدات العسكرية المختلفة. الى جانب تفكير روسيا بضرورة اعادة المياه الى مجاريها مع دول المنطقة خاصة الدول الخليجية وتركيا ، وعدم المغامرة بفقدان علاقاتها التجارية والاقتصادية ( والسياسية والدبلوماسية ) الطيبة مع هذه الدول ، ما يهدد اقتصادها بالمزيد من المشاكل والصعوبات ، خاصة انها تعاني من عقوبات اقتصادية غربية على خلفية ملف شبه جزيرة القرم وشرق اوكرانيا. اضافة الى التبعات السلبية المترتبة عليها نتيجة انهياراسعار النفط العالمية. دون ان نغفل الاضرار التي لحقت بسمعتها جراء استهدافها لمسلحي قوى المعارضة المعتدلة والمدنيين والبنى التحتية من مدارس ومستشفيات وغيرها ، والمشاكل والاحراجات التي سببتها لدول اوروبا جراء تدفق المزيد من اللاجئين السوريين الى حدود هذه الدول بسبب العمليات العسكرية الروسية