الرئيسة \  واحة اللقاء  \  البعد الإنساني في الأزمة السورية

البعد الإنساني في الأزمة السورية

16.04.2014
د. عثمان ناصر منصور


الرأي الاردنية
الثلاثاء 15/4/2014
لم يهدأ البال بعد، ولم يكتف الحال من المحال ، عائلات كاملة مُهجرة، وأخرى أُجهِزَ عليها بالكامل، وثالثة تاهت وتشرد أفرادها ، ورابعة تحت التراب في مقابر جماعية، لا يحصيها إلا الله، وخامسة تحاول ان تلم شملها ؛ فهي مجتزأة بين الأقطار مترامية هنا وهناك.
إنه واقع الشعب السوري المرير، يئن من وجع الضمير، وغفوته، فقد نام الضمير العالمي، وغفى كنومة أهل الكهف، وليته يفيق، ليته يستيقظ، ولو بعد حين، قبل أن يصبح هناك شعبٌ من التراث، أو تكون سوريا مُسحت من البشر.
يحضرني معاهدات واتفاقيات لحماية الانسانية( الأطفال والنساء والقتلى والأسرى والجرحى) في القرن الحادي والعشرين، ويستحضرني منظمات وهمية ومراكز مشبوهة تدعى منظمات حقوق الانسان، وعن أي انسان يتحدثون، عن طفل تاه فلا عائلة له، أم عن حق مسلوب في التعليم، أم عن حقد دفين يضمره جيل كامل ، شاهد كل انواع التشرد والعقاب والخوف والرعب بام عينيه، أم عن أمٍّ فقدت كل ما لها، أم عن نساء ترملت، وفقدت ابناءها وزوجها، ام عن أُسرٍ تشتت بالكامل. أين هي تلك المنظمات الانسانية؟ وهي بالمناسبة مئات إن لم تكن ألوفا، ولكنها كما قلت نائمة بإرادتها إلى حين.
لكم الله أيها الأشقاء، فأكثر من ( 9) مليون مشرد ولاجيء ونازح ومفقود وغائب، واكثر من (200) ألف من القتلى والموتى إن كانت الإحصاءات دقيقة، وربما يتضاعف العدد إن وضعت الحرب أوزارها، كم أنت قاس أيها الزمن بحق الأطفال المشردين ، والنساء الثكالى، واليتامى ، وفريق لا حول لهم ولا قوة. وأمام كل ذلك يصم العالم أذنيه، فقد أصابه الصمم والبُكم.
عما يجبرني الحديث، أمعقول اننا في العصر الحديث( عصر حماية حقوق الأسرة والأطفال)، أم عدنا إلى العصور المظلمة، وعصور ما قبل التاريخ؛ لقد اعادوا سوريا إلى عصور مضت، فأكثر من (3) مليون منزل تم هدمها ، ومدارس ومساجد مدمرة لا تحصى ولا تعد، أين نحن من ذلك كله، والعالم يشاهد بصمت مطبق، ويصفق للجاني والمجني عليه، يركل بهم إلى مدرجات المشاهدين، ليكون الحكم بينهم في مؤتمرات تعقد في قصور فاخرة لالتقاط الصور الرنانة والابتسامات المصطنعة بوساطة لم تكن يوما ما إلا لتشعل النار وتسكب عليها مزيدا من الزيت، وفي الجهة الأخرى انسانية مفقودة للاجئين في كل مكان، فهم لا يتمتعون بأبسط حقوق الانسانية، وأمام ذلك كله، يتبدى ان القصة لم ولن تنتهي ، وأن الحرب ماضية إلى المالانهايه ، فما زال هناك فصول لم تنته للقضية، وما زالت هناك أبوابٌ مشرعة لم تقفل ولن توصد بعد.
كان الله معك يا أشقاءنا، أعانكم الله، وأصبركم وصبّركم على الويلات التي عشتموها مذ ما يزيد عن ثلاث سنوات ونيف، أما أنت يا شام أقول لك: لا بد لليل أن ينجلِي ولا بد للقيد أن ينكسر، وستشرق شمس الحرية يوما ما.