الرئيسة \  واحة اللقاء  \  التفاوض على المعتقلين السوريين!

التفاوض على المعتقلين السوريين!

28.01.2014
منار الرشواني


الغد الاردنية
الاثنين 27/1/2014
يستطيع نظام بشار الأسد الادعاء، أمام نفسه فقط وهذا يكفيه، أن كل الضحايا المدنيين الذين أجهز عليهم خلال السنوات الثلاث الماضية، والذين زادوا على المائة ألف شخص بكثير، هم محض إرهابيين؛ أو هم، في أحسن الأحوال، مختطفون من الإرهابيين المزعومين، الأمر الذي يبرر للنظام، بطريقة أو بأخرى، قتلهم! هذا على الرغم من أن ازدياد جرائم القتل هذه، بدعم من المليشيات الطائفية اللبنانية والعراقية وغيرها، لم يؤد إلا إلى ازدياد من يسميهم النظام "إرهابيين"، وليس العكس. وطبعاً، فإن ذريعة الإرهاب والإرهابيين هي نفسها التي يتم استخدامها في الواقع لمحاصرة مناطق سورية عدة، وقتل أهلها جوعاً ومرضاً!
لكن، كيف يمكن للنظام ذاته الذي يتحدث باسم سورية، وطناً وشعباً، ويدعي شرعية تمثيلهما، تبرير تفاوضه في "جنيف2" على السوريين المعتقلين في سجونه، والمختطفين من قبل قواته ومليشياته، بل والتفاوض حتى على كشف أماكن جثامين القتلى منهم؟! وقد زاد عدد هؤلاء أيضاً على مائة ألف شخص بكثير جداً، وبينهم نساء وأطفال!
مثل هذا التفاوض بحد ذاته، يُفترض أن يُفقد هكذا نظام شرعيته، مقدماً إياها مجاناً وتلقائياً لمن يطالبون بالحرية لهؤلاء المعتقلين والمختطفين؛ أي المعارضة التي يتهمها النظام بـ"الخيانة"؛ علانية في حالة معارضة الخارج، وضمناً في حالة معارضة الداخل عبر مواصلة اعتقال واختطاف قيادييها ورموزها.
والحقيقة أن تخلي النظام "طواعية" عن أي شرعية له، يمكن إثباتها بالدليل القاطع عبر تجميع أعداد القتلى على يد النظام، مع أعداد المعتقلين والمختطفين والمفقودين في سجونه، إضافة إلى ملايين اللاجئين الذي قرر النظام تجريدهم من حقوقهم المدنية والسياسية، وأبسطها تجديد جوازات السفر، بعد أن لم يتمكن من قتلهم أو اعتقالهم! ولأجل ذلك، فقد سعى هذا النظام، قبل فترة وجيزة، إلى تغيير بطاقات الأحوال المدنية، بما يسمح فقط لمؤيديه بالتصويت في أي انتخابات مقبلة سريعة، تسمح له بالبقاء في السلطة بذات السياسات الاستبدادية الفاسدة التي سيُقال إن أغلبية "الشعب السوري!" تؤيدها، بل وتطالب بها! واستناداً إلى ذلك أيضاً، يمكن إيجاد مصداقية للحديث الذي سرى قبل انعقاد جلسات "جنيف2"، بشأن عرض روسي يقضي بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة قبل نهاية ولاية الأسد؛ فقط كي تضمن بقاءه، لا لحقن دماء السوريين وحماية ما بقي من وطنهم.
والحقيقة أن تذاكي وتحايل الراعي الروسي لنظام الأسد، بهدف إفراغ "جنيف2" من أي مضمون، والإجهاز على أي فرصة لنجاحه، كانت قد كشفت عنهما بشكل لا لبس فيه إيران؛ الراعي الثاني للأسد على حساب سورية ككل. وذلك عندما اعتبرت (إيران) أن موافقتها على "جنيف1"، وتحديداً النص الصريح بتشكيل سلطة انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة (والمتضمن بشكل جلي في دعوة "جنيف2")، هو بمثابة "الشرط المسبق" المرفوض! وقد جاء هذا الموقف الإيراني عقب أيام فقط من اجتماع ثلاثي روسي-إيراني-سوري. ما يجعل موقف إيران "الغريب" مجسداً للموقف الحقيقي لروسيا، وبالتبعية لنظام الأسد، الذي بات وجوده وعدمه قراراً خارجياً، روسياً-إيرانياً، غير مكلف إلا لسورية والسوريين.
manar.rachwani@alghad.jo