الرئيسة \  تقارير  \  التايمز:مع اقتراب الحرب..لأوكرانيا “قائمة سوداء لعملاء روسيا”تضم المذنب والبريء وحتى فرقة“بينك فلويد

التايمز:مع اقتراب الحرب..لأوكرانيا “قائمة سوداء لعملاء روسيا”تضم المذنب والبريء وحتى فرقة“بينك فلويد

29.01.2022
إبراهيم درويش


إبراهيم درويش
لندن ــ “القدس العربي”:
الخميس 27-1-2022
أشارت صحيفة “التايمز” في تقرير أعده مراسلها من العاصمة الأوكرانية، كييف أنطوني لويد إلى “القائمة السوداء” والتي قال إنها ضمت الجواسيس والقساوسة والصحافيين والأبرياء والمذنبين، اعتبروا بأنهم موالون وعملاء لروسيا في قائمة على الإنترنت. وربما تورط بعض هؤلاء الذين وردت أسماؤهم في قائمة “مايراتفيرتيس” (صانع السلام) بأعمال شنيعة في منطقة الشرق من البلاد، ولكن آخرين لم يفعلوا شيئا. ولم يرتكب آخرون أي شيء غير أنهم تسببوا بالضيق عندما تناولوا الحساسيات العامة أو السياسية أو أنهم استخدموا العبارات العامية “غير المناسبة”. وهذا لا يهم، فكل واحد والجميع تم الحكم عليهم من خلال لجنة سرية واتهموا بارتكاب “بأعمال مقصودة ضد الأمن القومي الأوكراني” وتم والحالة هذه نشر تفاصيلهم الشخصية إلى جانب الجرائم المفترض أنهم ارتكبوها.
في الوقت الذي تتزايد فيه تهديدات الغزو الروسي، فالعداء والانقسام يذكي حربا قذرة في أوكرانيا مع نشر قائمة تضم 187.000 من العملاء المزعومين لموسكو
ويعلق الكاتب أنه في الوقت الذي تتزايد فيه تهديدات الغزو الروسي، فالعداء والانقسام يذكي حربا قذرة لم توفر لا رتبة أو سمعة أحد من اتهامات “صانع السلام” وهو الموقع المتخصص بفضح والكشف عن عملاء روسيا في حبكة “أورويلية” تنشر الذعر والخوف.
ومن بين الأسماء التي وردت في القائمة المكونة من 187.000، نائب المدعي العام الأوكراني أوليسكي سيمونينكو ويتهم بأنه “بصم” على “اتهامات مفبركة” في قضية ضد الرئيس السابق بيترو بورشينكو، السياسي ورجل الأعمال الذي يعتبر من أشد منافسي الرئيس الحالي فولدمور زيلنسكي. وأكد مؤسس “مايراتيفريتس” جورج توكا أن “توقيع سيمونينكو على اتهام بورشينكو هو خيانة بحد ذاتها للبلد” و”يستحق وضع اسمه على القائمة لانتهاكه موقعه والقانون”.
وينضم سيمونينكو إلى قائمة من العملاء المفترضين، فهي لا تضم مجرمي الحرب أو عملاء وكالة الاستخبارات الروسية (أف أس بي) ولكن المؤسس المشارك في فرقة “بينك فلويد” روجر ووترز، 76 عاما، والذي اعتبر “تهديدا للأمن القومي” في 2018 بعدما قال إن روسيا لها حق في شبه جزيرة القرم أكثر من أوكرانيا. وتم وضع سفيتلانا ألكيسفيتش، البيلاروسية الكاتبة والناقدة للكرملين الحائزة على جائزة نوبل في القائمة “للتحريض على الانقسام الإثني” وذلك لأنها ذكرت مرة أن بعض الأوكرانيين ساعدوا النازية على قتل اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية. وتم وضع 500 من موظفي الخدمة المدنية، وهم من الإثنية الهنغارية الذين منحوا الجنسية الأوكرانية على القائمة. ويمنع الدستور الأوكراني الجنسية المزدوجة، وشعار موقع “صانع السلام” هو “برو بونو بابليكو” (لخير الصالح العام)، ووصفهم الموقع بـ “الخونة” و”الانفصاليين”.
 وظهر الموقع في عام 2014 بعد لقاء بين توكا وعضو سابق في الاستخبارات الأوكرانية (أس بي يو) والذي يدير الموقع ويعرف باسم مستعار وهو “رومان سيتزسيف”. ونفى توكا تلقيه تمويلا من الدولة لإدارة الموقع أو أن المخابرات هي التي توجه عمله، مؤكدا أن الهدف من إنشائه هو “تنظيف” أوكرانيا من المشاعر والنشاطات الموالية لروسيا.
ونقلت الصحيفة عن توكا، 58 عاما، قوله: “المشكلة التي واجهناها في عام 2014 هي التي نواجه اليوم: إن عناصر شرطة سابقين، عسكريين سابقين وبعض الرموز السياسية لا يزالون مؤيدين لروسيا”. و “انتقل بعضهم إلى شرق أوكرانيا وروسيا. وهناك البعض يعيشون بيننا، ولا توجد قاعدة بيانات رسمية تحتوي على أسمائهم، ولهذا جاء موقع مايراتفيريتس لملء الفراغ”. وأضاف أن مهمة الموقع تغيرت في الأعوام الثلاثة لتضم أشخاصا يحاولون حماية الرواية الروسية و “للأسف لا يوجد قانون هنا يمنع الأحزاب المؤيدة لروسيا والرواية الروسية ويتم وضع الأشخاص المؤيدين لهذه الروايات على القائمة”. وتضم أيضا يفيني موارييف، السياسي الأوكراني البالغ من العمر 46 عاما والمتهم من الاستخبارات البريطانية نهاية الأسبوع الماضي بأن موسكو تحضره كمرشح محتمل لإدارة كييف بعد الغزو و “كمتواطئ مع الغزاة الروس”.
وقال موراييف للصحيفة إن الاتهامات البريطانية ليست سوى “مستر بين وجيمس بوند” وقال إن من تداعيات وضع اسمه هو أن “من ذكرت أسماؤهم في مايراتيفريتس قد يقتلون” و”هناك مخاطر سقوطهم من النافذة أو الفرار من البلاد ولكنني أعيش مع المخاطر”. وقالت الصحيفة إن عددا من الاغتيالات حدثت بعد ظهور أسمائهم على القائمة. فالناشر المعروف أوليس بوزينا، المؤيد لروسيا والنائب أوليغ كلاشنيكوف قتلا بالعاصمة كييف في نيسان/إبريل 2015. وتم الاغتيال بعد فترة قصيرة من نشر الموقع تفاصيلهما الشخصية بما في ذلك عنوان بيتهما. ونفى توكا أن تكون هناك صلة بين ورود اسميهما في القائمة السوداء وقتلهما “كانا عدوان لأوكرانيا ولا أفتقد أي منهما”. وتم اتهام آخرين بالعمالة بعد وفاتهما ووضعت أسماؤهم على القائمة، كما في حالة الصحافي الإيطالي أندريا روتيشلي الذي قتلته القوات الأوكرانية عندما كان يغطي الأحداث العسكرية في شرق أوكرانيا. وضمت تفاصيله على القائمة كلمة “صفي” واتهم بالعمالة لمجرد أنه غطى الأحداث من جانب الانفصاليين.
ومع أن الموقع يحظى بدعم واسع من أنطون هيراشيشنكو، أحد المؤسسين له والذي يعمل حاليا مستشارا لوزارة الشؤون الداخلية في كييف، إلا أن هوية العاملين فيه سرية. وتقوم لجنة سرية من الإداريين فيه بالنظر في المعلومات المقدمة عن المتهمين، وتجمع عادة من مصادر استخباراتية علنية ومواقع التواصل الاجتماعي. وتعريف “مشاعر موالية لروسيا” هو شامل ويضم الأسماء والتفاصيل الشخصية وبيانات الجوازات لـ 4.506 صحافيين غربيين وأوكرانيين وروسيين ممن حصلوا على تصريح عمل في مناطق الانفصاليين. وهي خطوة ضرورية للعمل في المناطق التي تسيطر عليها القوات الموالية لروسيا.
وتعرض عدد من الصحافيين للتهديد بعد القرصنة على معلوماتهم من المكتب الصحافي للانفصاليين في دونستيك ونشرت على الموقع. ووصفت يوليا غوربونوفا، الباحثة في مكتب هيومان رايتس ووتش بأوكرانيا القائمة بالخطيرة و “يجب إغلاقها فورا، والأشخاص الذين ظهرت أسماؤهم عليها قتلوا، والتوتر يغلي، وهو وضع مشتعل تضيف القائمة عليه”، مضيفة أن المخاطر التي تمثلها القائمة على حرية الصحافة وبالتأكيد على أي شخص جدية. لكن توكا لا يعتذر وليس خائفا من تداعيات القائمة على حرية الصحافة “من يتعامل مع مكتب الإعلام في المناطق المحتلة مؤقتا يقوم بخرق القانون الأوكراني، أيا كانوا صحافيين أو غير ذلك، فالتعامل مع مكاتب الصحافة الموالية لروسيا يعتبر نزعا للشرعية عن أوكرانيا”.
قائمة من العملاء المفترضين، تضم مغني فرقة “بينك فلويد” روجر ووترز، والذي اعتبر “تهديدا للأمن القومي” بعدما قال إن روسيا لها حق في شبه جزيرة القرم أكثر من أوكرانيا
 ورغم أن قاعدة البيانات في الموقع لا تتمتع بصفة رسمية إلا أن محتوياتها تستخدم بشكل واسع لفحص أسماء الأشخاص على حواجز التفتيش وتدعم أنظمة البيانات الرسمية. وتجاهلت الحكومة الأوكرانية المطالب المتكررة من الأمم المتحدة ومجموعة الدول السبع والاتحاد الأوروبي ومنظمات حقوق الإنسان لإغلاق الموقع، فالقائمة لا تزال موجودة في وقت تمشي فيه أوكرانيا نحو الحرب، وهذا لا يبشر بخير. ويرى توكا أن موقعه يلعب دورا مهما في “تعريف أوكرانيا”، معلقا أنه تم اعتقال أكثر من ألف شخص نتيجة لجهود موقعه. ويقول إن هناك الكثير من العملاء أو من يعملون لصالح المخابرات الروسية أف أس بي لا تظهر أسماؤهم على قواعد بيانات الحكومة. ويتسللون إلى أوكرانيا بدون ملاحظة أحد أو يعيشون بيننا. وبلا شك ستكون هناك مقاومة قوية لو غزا الروس، وهناك طبقة من الناس ستستقبلهم بالورود وعلينا معرفتهم، فالحرب هي عن الصدق”.