الرئيسة \  مشاركات  \  التحالف الثلاثي الذي تدعمه واشنطن ضد الاعتدال السني!

التحالف الثلاثي الذي تدعمه واشنطن ضد الاعتدال السني!

17.07.2014
الطاهر إبراهيم





هذه ليست نظرية صعبة التصديق، بل كل الأحداث التي تدور في المنطقة تؤكد صحتها. ولا نبالغ عندما نزعم أن هذا التحالف تشكل لقمع أي تحرك عربي أو إسلامي لتحرير فلسطين،- كلها أو بعضها- من الاغتصاب الصهيوني. ففي سورية بدأت نواة التحالف عندما وطأت واشنطن لحافظ أسد حكم سورية بدعم انقلابه عام 1970.
لن أستغرق كثيرا في تاريخ حافظ أسد وحربه على أهل السنّة، فقد أصبح ذلك معروفا للقاصي والداني منذ أول يوم استلم الحكم في سورية. لكن أذكّر أنه بدأ في حشد القوة في جبل العلويين وأنشأ المطارات فيه. وقد رأينا أن الجيش الحر عندما استولى على مطارات الداخل أو دمرها، أصبحت الطائرات تقلع من مطارات الجبل لتقصف البراميل على الأبنية في الداخل السوري. كما نصب حافظ أسد المدافع بعيدة المدى على جبل قاسيون المطل على دمشق. ولم يمت حافظ أسد إلا وكانت سورية ترسانة أسلحة لحماية حكم من سيرثه بعد موته.
أما في العراق، فقد شكت إسرائيل من قوة جيش صدام،خصوصا بعد أن صمد في حربه إيران سبع سنوات، وكان ندا قويا ، وكسر أنفها كما يقال في المثل. في حرب 1991وجه صواريخه إلى تل أبيب وأصابها إصابات مباشرة، فطلبت إسرائيل من واشنطن شطب الجيش العراقي من المعادلة. عندما اجتاحت جيوش أمريكا العراق في نيسان 2003 كان أول شيء فعله "بول بريمر" الحاكم الأمريكي في العراق أنه سرح الجيش العراقي، وتم إنشاء أجهزة أمنية لضبط الأمن في العراق كما أراد بريمر. ورأينا أنه عندما شكل نوري المالكي جيشه في العراق كان جيشا كرتونيا لم يستطع أن يصمد ساعة واحدة أمام داعش وثوار العراق السنة.
فعندما ينتزع الحكم من يد بشار أسد،وهو لابد حاصل مهما تشبث بموقعه، فستكون سورية في حالة مدمرة لن تستطيع أن تهدد إسرائيل حتى بعد عشرين عاما. وأما العراق فقد أصبح خارج أي تهديد لإسرائيل بحكم الشرذمة التي تحكم القوى التي تتقاسم النفوذ فيه، (استطرادا، مع انه ليس داخلا في موضوعنا، فقد عادت مصر لتكون بلدا مسالما مع إسرائيل بعد انقلاب السيسي على محمد مرسي، ونرى مصداق ذلك في سكوتها على العدوان الحالي على غزة).
وهكذا،وبتخطيط من واشنطن، فقد دخل بشار أسد ونوري المالكي في حلف ثلاثي مع إسرائيل حيث كانت مهمة هذا الحلف حماية إسرائيل وإجهاض أي حركة تحرر يتطلع لها شعبا سورية والعراقي، وباقي شعوب المنطقة تغط في نوم عميق، ما كرس الاستبداد والاستعباد في سورية والعراق وتأجل الخلاص من هذا الحلف وحتى إشعار آخر.
من جانبه فقد ساهم أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم دولة العراق والشام "داعش" –بقصد منه أو غير قصد- في تقوية هذا الحلف. عندما أراد أن يكون له شأن في جزء من سورية والعرق من دون تبصر بما هو غير مسموح في هذه المنطقة الغنية بالنفط، إلا أن يكون استدرج إلى خطة وضعتها واشنطن، فلم يأخذ العبرة مما حصل مع صدام حسين. لقد كان العراق لاعبا مهما بعد انتهاء حربه مع إيران عام 1989، فاستدرجته واشنطن إلى احتلال الكويت، ودخل في حرب مع المجتمع الدولي، ليخرج العراق منها مهيض الجناح، ثم ليأتي بعد ذلك جورج بوش الابن وينهي دولة كان اسمها العراق. نقول هذا الكلام مفترضين سلامة نية مع خطأ التصرف، بعد أن رأى البغدادي (رأس الذئب المقطوع) معلقا في ساحة الفردوس في بغداد نيسان 2003.
نرى اليوم أن إسرائيل تقصف مدن غزة. والعرب، كل العرب يتفرجون عليها. بعضهم ينتظر أن تستطيع إسرائيل شطب حماس من الخارطة. والبعض الآخر ساكت عجزا أو استهانة بما يمكن أن يحصل فيما لو تم لإسرائيل هدفها. ولكنهم كلهم لم يحسبوا نتيجة اقتلاع حماس من غزة، على الأقل على مصالحهم الآنية.
لقد كانت حماس تمثل الاعتدال الفلسطيني، فلا تزال كلمة الشيخ أحمد ياسين رحمه الله (الدم الفلسطيني خط أحمر) ترن في الآذان. وكانت واشنطن تعمل على اقتلاع حماس من غزة، فيتفرق الآلاف من حماس تحت السلاح في الدول العربية. وكما حصل للأفغان العرب،فسوف يتحولون إلى ما هو أسوأ من القاعدة وداعش، وسيوجهون سلاحهم إلى دول عربية كانت تظن أنها بمأمن. عندها سيقول العرب الذين يتمنون اقتلاع حماس، والعرب الذين  لم يهتموا أصلا بقضية فلسطين: يا ليتنا انتبهنا قبل فوات الأوان. فهل سيتحقق هدف واشنطن وإسرائيل؟