الرئيسة \  واحة اللقاء  \  التحضير لمؤتمر منعقد!

التحضير لمؤتمر منعقد!

25.05.2013
منار الرشواني


منار الرشواني
الغد الاردنية
السبت 25/5/2013
يبدو مثيراً للاستغراب هذا الاهتمام بجولات ما يفترض أنها لقاءات تحضيرية لمؤتمر "جنيف2"؛ سواء تلك التي يعقدها معسكر حلفاء نظام الأسد، أو التي يجريها معسكر مناوئيه ومعارضيه. وأغرب من ذلك الإصرار على تتبع وتأويل تصريحات قادة المعسكرين، وهم من غير السوريين حتماً، بشأن أي تغير في النبرة والمطالب؛ تنازلاً أو تشدداً. فبداية، وبغض النظر عن موعد انعقاده الذي يزداد غموضاً، يبدو السؤال الأهم اليوم، والأخطر لشدة بساطته، هو: لأي سبب يعقد "جنيف2" حقاً؟
القائد الدبلوماسي لمعسكر النظام؛ روسيا، أتبعت اتفاقها مع الولايات المتحدة على عقد المؤتمر الدولي بتوفير كل ما يلزم للنظام لمواصلة الحل العسكري-الأمني. بل وعشية بدء الهجوم على مدينة القصير، بلغ الأمر بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، حد توفير الغطاء لدخول حزب الله في المعارك ضد الثوار، بترديد القول إن الحزب إنما يحمي "المقدسات الشيعية"، والتي لم يسمع أحد بوجود أي منها في القصير!
هكذا، يكون مؤتمر "جنيف2" بالنسبة لروسيا، ومعها بالطبع إيران-حزب الله، أشبه بمؤتمرات "السلام" ما بعد الحرب العالمية الأولى؛ أي مجرد ملتقى يقوم فيه المهزوم بتوقيع صك الاستسلام، عقب سحقه في "مؤتمر القصير"، وما بعدها طبعاً إن أمكن ذلك.
على الطرف الآخر، قد يبدو مثيراً هذا الاسترخاء الأميركي-الأوروبي تجاه عودة النظام إلى التقدم على الأرض، بفضل الحضور المتنامي لحزب الله وإيران وروسيا، ميدانياً وعسكرياً. وإذا كان البعض يمنّي نفسه بأن ذلك دليل تراجع الحضور والنفوذ الأميركيين في المنطقة (بغض النظر عما يحل بسورية)، فالحقيقة أن مثل هذا الاستنتاج يبدو متعجلاً جداً، استناداً أيضاً إلى النتائج على الأرض، بما فيها انتصارات النظام-إيران-حزب الله.
أحد السيناريوهات المطروحة، والذي لا يعدم المؤشرات، هو أن "جنيف2" بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين خصوصاً، ليس إلا ذريعة للمضي نحو التدخل العسكري في سورية بعد فشل المؤتمر، واستمرار النظام وحلفائه الإقليميين في سياسة القتل الجماعي والتدمير الشامل. واستعداداً لمواجهة هذا الاحتمال، يُنظر إلى إصرار روسيا على مد النظام بأسلحة متطورة هي أبعد ما تكون عن كونها أولوية في الحرب ضد الثورة، ناهيك عن إمكانية سداد ثمن هذه الأسلحة في حال قبول ذريعة الروس بأن تسليمها للنظام ليس إلا تنفيذا لعقود سابقة في تاريخها على اندلاع الثورة.
وفي حال عدم ترجيح هذا السيناريو كما تؤكد المعطيات ذلك فعلاً حتى الآن، فإن الوضع في سورية يظل غير مقلق حتى اللحظة، إن لم يكن مثالياً، بالنسبة للولايات المتحدة والغرب عموماً، كما بالنسبة لإسرائيل. فإذا كان الهدف هو نظام ضعيف في سورية، فليس أفضل من "مفاوضات" حرب الاستنزاف الدائرة حالياً، في القصير أيضاً وسواها. وهي الحالة المرشحة للاستمرار حتى لو حسم نظام الأسد ذاته الصراع عسكرياً. فيما يبدو الحل السياسي "غير المطلوب أو المقبول" هو الوحيد القادر على إعادة سورية إلى شيء من التماسك داخلياً، والحضور إقليمياً. ويضاف إلى ذلك طبعاً أن إطالة أمد الصراع في سورية قد جعل منه عامل استنزاف طائفي إقليمي لا يستثني أحداً، حتى باتت الخشية من أن تصبح "الدولة اليهودية" (التي قيل دائماً إنها استثناء) أنموذجاً يحاكى إسلامياً-عربياً، وعلى مستوى طائفي!
بالنتيجة، لا يبدو من قيمة لكل التوقعات المتعلقة بمؤتمر "جنيف2" الذي سيُعقد، في النهاية، باسم سورية، لكن ليس لأجلها، وقد تم تحويل أرضها إلى "ساحة"، وصار شعبها وقود معركة.
manar.rachwani@alghad.jo