الرئيسة \  واحة اللقاء  \  التدخل الروسي ومستقبل الصراع في سورية

التدخل الروسي ومستقبل الصراع في سورية

06.10.2015
ماجد التوبة



الغد الاردنية
الاثنين  5/10/2015
لا غرابة ان يثير التدخل العسكري الروسي القوي في الصراع الدائر بسورية كل هذا التجاذب والاستقطاب في الساحة السياسية العربية والدولية، ناهيك عن استنفار الدوائر الرسمية في الغرب ودول الإقليم التي تناصب النظام السوري وإيران العداء، فهذا التدخل، من هذه القوة العظمى، يقلب المعادلات في الصراع على الأرض، ويفتح على تغيرات استراتيجية في موازين القوى، وسيكون له ما بعده من انعكاسات ونتائج على أرض الواقع.
وبعيدا عن حملات الاتهام والتجييش المتبادل على خلفية التدخل الروسي الأخير، الذي يضيع خلالها منطق التحليل والقراءة لتطورات الصراع في سورية والمنطقة، فإن القراءة الهادئة للحدث الصاخب، أو "تسونامي" التدخل العسكري الروسي، يمكن تناوله من عدة زوايا.
المنطلق الاول في التحليل، هو أن التدخل الأجنبي، المباشر وعبر الوكلاء، في الصراع في سورية، هو بلا شك فاقم ويفاقم الأزمة، وأضر ويضر بالدرجة الأولى بالشعب السوري ومجتمعه ودولته. لكن التدخل الروسي الأخير لم يكن الوحيد، بل وربما يحسب لروسيا تاخرها في التدخل عسكريا نحو 5 سنوات، فيما كان دخل على خط الصراع منذ بدايات الأزمة السورية، تدخل مباشر من قبل المعسكر المقابل، عبر دعم وتمكين قوى المعارضة المسلحة، وبما فتح الباب، ضمن مقامرات الأجندات الإقليمية والدولية، لدخول القاعدة/ النصرة و"داعش" وغيرها من قوى، ممن تصنف عربيا ودوليا بالإرهابية.
السؤال الذي يجب أن يطرح بعيدا عن التجاذبات والاستقطابات المبتذلة التي تملأ الفضاء الإلكتروني اليوم، هو: أين مصلحة سورية وشعبها وأمتنا العربية من هذا التدخل الروسي، بعيدا عن أهداف ومصالح روسيا الاستراتيجية، المعلنة على رؤوس الأشهاد؟ هذا السؤال تفتح إجابته على عدة خيارات ومسارات، هي برسم الإجابة من قبل الدول والقوى الفاعلة على الأرض السورية.
فإما أن يساهم التدخل الروسي العسكري المباشر في المراكمة على ما سببه التدخل المباشر المقابل، من المعسكر الدولي والإقليمي المناوئ، إضافة إلى بطش النظام، من دمار وفوضى في سورية، وتشريد لشعبها، وربما الوصول الى سيناريو التقسيم. وإما ذهاب المعسكر المناوئ، وتتصدره الولايات المتحدة، إلى التصعيد مع روسيا وحلفها المقابل، وهو سيناريو يحمل أيضا أخطارا وتداعيات سياسية وعسكرية واسعة، لا يبدو ان جميع الأطراف المتصارعة بقادرة على تحملها، ناهيك عما يسببه ذلك من المزيد من المعاناة للشعب السوري.
يبقى الخيار الثالث المتاح، إن انطلقنا من السؤال الرئيس المذكور (اين مصلحة الشعب السوري وسورية والعرب؟)، وهو العودة إلى مربع الحل الأول، الذي طرح دائما في التصريحات الرسمية لمختلف الأطراف، من دون أن يسعى إليه أحد جديا، وهو الحل السياسي للأزمة السورية، بعيدا عن أي مقامرات ومغامرات جديدة، تودي بما تبقى من سورية.
قد يكون التطور الأبرز، بعد التدخل الروسي المباشر، اليوم، وبعيدا عن حالة الاستقطاب وحوار الشتائم اللذين يملآن الفضاء الإلكتروني، وحتى الصحافة العربية، هو أن هذا التدخل، بغض النظر عن الموقف منه، سلبا أو ايجابا، يفتح الباب للبحث جديا عن مخرج سياسي حقيقي وتسويات دولية وإقليمية للصراع في سورية، لا يحد فقط من الأضرار الكبيرة التي تراكمت عبر عمر الصراع، بل، وهو الأهم، عدم تدهور الأمور والوصول إلى ما هو اسوأ بكثير للجميع.
لا أحد، غير الدول الفاعلة في الصراع بسورية، يمكن أن يجزم أين يمكن أن تتجه الأمور في سورية، وإلى أين تنتهي تداعيات التدخل الروسي. لكن الجميع، يفترض به، أنه يعرف أن أي تطور للأزمة السورية لا يصب في اتجاه الوصول إلى تسوية سياسية تنقذ الشعب السوري من محنته، هو تطور وحل خطير وسيئ، سيدفع الشعب السوري وشعوب المنطقة كلها ثمنه غاليا.