الرئيسة \  واحة اللقاء  \  التدخل الروسي في سوريا

التدخل الروسي في سوريا

13.10.2015
د. هايل ودعان الدعجة



الرأي الاردنية
الاثنين 12/10/2015
يأتي تدخل روسيا في سوريا في هذه الأوقات بالذات وسط أجواء وظروف ربما غير مفهومة وغير واضحة، خاصة في ظل التوتر القائم بين روسيا والغرب على خلفية ملف ضم القرم والتدخل الروسي في شرق أوكرانيا، وما رافقه من فرض عقوبات اقتصادية غربية على روسيا، تزامن ذلك مع انخفاض ملحوظ في أسعار الطاقة التقليدية (النفط والغاز) التي تمتلك روسيا منها كميات واحتياطيات ضخمة. ما يضع روسيا في موقف لا تحسد عليه اقتصاديا وماليا، ويجعلها تفكر مليا قبل ان تقدم على اية خطوة ذات ابعاد دولية، قد تثير حفيظة خصومها الغربيين، ما يجعلنا لا نستبعد احتمال وجود ضوء اخضر امريكي غربي على التدخل الروسي في سوريا من بوابة محاربة الإرهاب، الذي تجمع كافة دول العالم على محاربته. يعزز من هذا الاحتمال بروز مطالب دولية وغربية تحديدا، بضرورة حل الازمة السورية حلا سياسيا، وذلك على خلفية تفاقم مشكلة اللاجئين السوريين، التي وصلت شواطئ دول أوروبا وحدودها. ما يؤكد بان الحل في سوريا يتطلب توافقا او تفاهما روسيا واميركيا (غربيا).
دون ان نغفل احتمالات او اسباب أخرى لهذا التدخل تتمثل في استغلال روسيا لما يمكن اعتباره بالتردد او عدم جدية اميركا في تهدئة الأوضاع وحسم ملف الازمة السورية، الى جانب استغلالها الفرصة التي وفرتها الاستراتيجية الأميركية الجديدة، بالتحول نحو منطقة شرق اسيا والمحيط الهادي المرشحة لان تكون مركز التجارة العالمية، ولمواجهة المنافسة الصينية والروسية المتوقعة هناك، إضافة الى التوجه الأميركي نحو التوقف او التخلي عن خوض حروب اضافية في منطقة الشرق الأوسط بعد الانتكاسات الأميركية في هذه المنطقة، واستبدال هذه السياسة بنهج جديد يقوم على إيجاد تفاهمات مع قوى إقليمية مؤثرة (الاتفاق الأميركي الإيراني). وقد يكون هذا التدخل بمثابة رد روسي على الانتشار الأميركي الذي يحاصرها من عدة جهات، كما هو الحال في نشر الدرع الصاروخية الأميركية في أوروبا لاستهداف منظومة الأسلحة العسكرية الروسية.
المهم في الامر ان روسيا مرشحة اكثر من غيرها للعب دور مؤثر في الازمة السورية، واطلاق عملية تسوية سياسية، كونها العامل الأكثر تأثيرا وقبولا لدى احد اهم اطراف المعادلة السورية وهو النظام السوري، إضافة الى استقبالها وفود المعارضة السورية المعتدلة في موسكو قبل فترة لاطلاق عملية تسوية سياسية (ومكافحة الإرهاب) على أساس مقررات جنيف (1) الرامية الى تشكيل هيئة سياسية انتقالية بصلاحيات واسعة تضم كافة مكونات المجتمع السوري.
وما يعزز من فرص نجاح هذا الطرح السلمي، ادراك روسيا صعوبة العودة الى الأوضاع التي كانت سائدة في سوريا قبل عام 2011، وبالتالي فهي تسعى ان يكون لها موطئ قدم سياسي وتفاوضي مؤثر من خلال جلوسها على طاولة المفاوضات لبحث الخيارات السياسية في الملف السوري، لتسحب ما تستطيع من أوراق اللعبة من ايدي اميركا وايران تحديدا، حتى لا يتكرر سيناريو ليبيا (والعراق)على سبيل المثال، إضافة الى ضمان المحافظة على نفوذها وحماية مصالحها ممثلة بحماية قاعدتها البحرية في طرطوس التي تشكل المنفذ الوحيد لها على البحر المتوسط، وتعزيز تواجدها في المياه الدافئة.