الرئيسة \  مشاركات  \  التدمير الذاتي للثورة السورية

التدمير الذاتي للثورة السورية

09.04.2014
سفيان الحمامي


بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق ومنظومته الشيوعية أو ما كان يسمى الاشتراكية ، تداعى المختصون لتحليل أسباب ذلك الزوال السريع بعد حكم تسلطي إجرامي دام سبعين سنة .
وفجأة ظهر أحد الشخصيات الخفية في الاستخبارات السوفياتية ( ك ج ب ) قائلا ، كنا نعمل على تدمير تلك المنظومة بشكل ممنهج عبر وجود مكاتب في أجهزة الأمن الحاكمة فعليا ومكاتب أخرى تتبع لها في الحزب الشيوعي أو مسمياته النظيرة في تلك المنظومة ، وكانت مهمة تلك المكاتب ترشيح الأشخاص غير المختصين لوظائف قيادية هامة تتطلب التخصص الدقيق والكفاءة العالية وبذلك يسهل إدارة هولاء الاشخاص بالشكل الذي تريده أجهزة الأمن والحزب لأن هؤلاء طالما هم غير مختصين فلا يهمّهم سوى البقاء في مناصبهم بأي وسيلة كانت مع تنفيذ أية تعليمات تملى عليهم لتخريب المؤسسات والإدارات التي يديرونها مقابل الحصول على بعض المزايا والمكاسب التي ستفيدهم وورثتهم بعد إزالتهم من مواقعهم الوظيفية .
هذه الأعمال الممنهجة وتلك الآليات التخريبية مارسها النظام في سوريا من خلال أقسام التربية والتعليم والعمال في فروع الأمن ونظيراتها في فروع حزب البعث منذ 8 آذار عام 1963 وحتى اليوم / مستفيدة من تجارب المنظومة السوفياتية ومكرّرة أفعالها بعد زوالها تحت مبرر أن الظروف في بلادنا مختلفة وشعوبنا غير الشعوب الأخرى فالشعب السوري مستكين لا يتطلب سوى الخبز والماء والجنس .
في التراث العربي ، نتوارث حكمة مشهورة ( الحكيم من اتعظ بغيره ) ، لكن منظومة التفكير والعقلية السائدة في سوريا لا تقارب تلك الحكمة عملا بمقولة مدرسة النظام السوري ( ظروفنا مختلفة عن الغير وشعبنا مطواع يقبل أي شخص لقيادته مهما كانت صفاته ) .
هذا الواقع، ينطبق على من يسمّون قادة الثورة السورية في الخارج حاليا ، خاصة في المجال السياسي والإداري والمالي منذ بداية انطلاقها حتى اليوم ، إذ تتعاظم الأخطاء القاتلة التي ستقود إلى وأد تلك الثورة من داخلها ، لأن غالبية من يقودها غير قادرين على قيادة أنفسهم نظرا لضعف كفاءاتهم وبعد تخصصاتهم عن المجالات التي يديرونها ، وباستثناء بعض الأسماء اللامعة التي ينظر الجميع لها باحترام على المستوى الشخصي والتأهيل العلمي مثل (الدكتور برهان غليون والدكتور نجيب الغضبان والدكتور رضوان زيادة والدكتور ة بسمة القضماني والدكتور عبد الباسط سيدا والدكتور منذر ماخوس وميشيل كيلو وقلة من أمثالهم ) فإن جلّ من يظهر في قيادة تلك الثورة حاليا تمّ جلبهم وتعيينهم بالطريقة نفسها التي كانت تحصل من قبل أجهزة ( ك ج ب ) السوفياتية والحزب الشيوعي وأقرانه في عصر المنظومة السوفياتية المدفونة ، وما زالت تحصل في زمن حكم النظام السوري حتى اليوم من قبل أجهزة الأمن وفروع حزب البعث .
ربما ، هناك ميزة تنافسية كما يقال في علم الإدارة وباختصاص التسويق ، وهي لتجنب انتظار 70 سنة كالمنظومة السوفياتية أو 50 سنة كمنظومة الحكم السوري ، وبذلك يتم اختصار المدة الزمنية لعدة سنوات فقط ، ومن يقوم بتلك الأدوار حقوقه محفوظة ( انظروا إلى ثروات من ساهم في إدارة أجهزة الدولة في العصر السوفياتي والحكم السوري فإنهم من أصحاب النعم والشركات وأبناهم رجال أعمال ونجوم عالمية في الإستثمار وعالم الأموال ) .
وفق ذلك ستتكرر التجربة مع من يدير ويتابع أمور الثورة السورية الإدارية والمالية والإغاثية حيث سيصبحون في المستقبل القريب رجال أعمال وأبناؤهم وجوه الاستثمار ومدراء الشركات المستقبلية جزاء لهم على ما فعلوه وعلى أدوارهم التي أدّوها طالما تمّ اختيارهم وتعيينهم وفق آليات المنظومة السوفياتية ونظام الحكم السوري ، وسيكونون أوفياء للمهمات التي ستوكل إليهم تبعا للتعليمات التي ستعطى لهم لأن المدرسة واحدة.
كي لا يكون مقالنا جزافيا ، تعالوا للتدقيق في أسماء ومواصفات من تمّ اختارهم وتعيينهم لإدارة الأجهزة السياسية والإدارية المتعددة للثورة السورية في الخارج :
 1- أحمد الجربا / رئيس الإتلاف : إجازة اقتصاد من جامعة بيروت العربية ، لم يسبق له العمل في المجال الإداري مطلقا ، والجميع يعرف كيف يتم الحصول على شهادة من جامعة بيروت العربية .
2-أحمد طعمة /رئيس الحكومة: طبيب أسنان ، لم يسبق له العمل في إدارة أو مؤسسة حكومية طيلة حياته ، ولم يتبع دورة في علوم الإدارة مطلقا ، وهو لا يدرس سوى فمّ الإنسان.
3- نائب رئيس الحكومة / إياد القدسي : إجازة جامعية في الحاسوب ، عمل في الشركات والاستثمارات الخارجية فقط ، ولم يعمل في الإدارة بسوريا قط .
4- اسعد مصطفى / وزير الدفاع والداخلية : إجازة أدب عربي ، مسؤول حزبي عن حماه في زمن مجزرة 1982 وكوفئ بوظيفة وزير الزراعة بعد ذلك بتزكية من محمود الزعبي الذي سكن في بيت أهله حين كان الزعبي مدير استصلاح حوض الغاب .
5- ابراهيم ميرو / وزير المالية والاقتصاد : إجازة في الاقتصاد، عمل في شركات هولندية ولم يعمل قط في سوريا .
6-محمد ياسين النجار / وزير الاتصالات والتقانة : مهندس ميكانيك ، والمعروف أن هندسة الميكانيك لا علاقة لها مطلقا بالاتصالات والتقانة وتهتم بالمحركات والقوى والتدفئة والتكييف .
7- عثمان بديوي / وزير الادارة المحلية : صيدلي ، لم يعمل سوى في قطاع الصناعات الدوائية الذي تشرف عليه بشرى الأسد بالتعاون مع الدكتور زهير فضلون وزوجته فوزة منعم ومافيا تلك الصناعة التي تدر مليارات الدولارات نتيجة التلاعب بالمواد الفعالة والتحكم بالأسعار الدوائية .
8- فايز الضاهر / وزير العدل / إجازة حقوق وعمل قاضي تحقيق جنائي ، والمعروف أن قاضي التحقيق هو أسفل درجة في العمل القضائي الجزائي .
9- الياس وردة / وزير الطاقة والثروة المعدنية / مهندس نووي ، وكأن سوريا لم يتبق لها حاليا سوى الطاقة النووية وهي لا تعرف سبل تأمين المازوت والحطب لشعبها .
10- وليد الزعبي / وزير البنية التحتية والزراعة والري / مهندس مدني ، عمل في القطاع الانشائي في الخليج ، وسعى للعمل كمستثمر في ذلك المجال في سوريا لكن حصة آل محلوف منعته .
11- تغريد الحجل / وزيرة الثقافة والأسرة : لم تكتب أو تؤلّف عملا ثقافيا واحدا في حياتها بل هي تعيش في لندن ولا تعرف الأسرة السورية إلا من خلال الحكايات الشعبية .
12- بدر جاموس / أمين عام الائتلاف ورئيس الهيئة السورية للتربية والتعليم : طبيب أسنان ، لم يعمل في اي عمل إداري أو تربوي أو جامعي سابقا .
13- إلى ما هنالك من نواب وزراء ونواب روساء هيئات ومستشارين .........
 
بالمقابل ، هناك قادة في دول متقدمة أو في طريق التقدم أو متخلفة يشغلون وظائف غير مختصين بها ، لكن يعرف كل ذي دراية أن هؤلاء حصلوا على ماجستير في إدارة الأعمال ليسهل عليهم إدارة العمل في ميادين أخرى غير تخصصاتهم أو أنهم تدرجوا في عملهم بخبرات عالية ، أما من يدير أمور الثورة السورية في الخارج فلم يتضح أن أحدا منهم حصل على شهادة إدارية ، لكنهم وكما يقولون في أحاديثهم بأنهم قادة بالفطرة وهم مختصون في كل شيء ويعرفون كل شيء .
طبعا ، لا ننتقص من اختصاص وكفاءة هؤلاء في مجالات تخصصاتهم ، لكن أن يديروا قطاعات لم يعرفوا عنها شيئا ولم يمارسونها أبدا فهذه الطامة الكبرى ، إلا إذا كانت الغاية كما فعل خبراء منظومة ( ك ج ب ) والمدرسة التي تدور في فلكه ، وهذه هي حقيقة تعيينهم في وظائفهم .
وما يثير الريبة أن هؤلاء الذين يديرون شؤون الثورة السورية لا يقبلون أي صاحب كفاءة أو اختصاص عالي المستوى في أي مجال ، وهم يقابلونه إما بإسلوب التسويف والمماطلة حتى يقرف من هذا الأسلوب ويبتعد عنهم ومن يدير تلك الثورة أو يقابلون أصحاب الكفاءات بعدائية كبيرة كي يترك أصحاب الكفاءات الميدان لهم لأنهم يعتقدون بأنهم أولى بالمناصب الحكومية بعد الوصول إلى الحكم وهم يستحقّون السلطة لأنهم من كان يدير شؤون الثورة .
الأمر الغريب أنهم يديرون أعمالهم من تركيا ، التي يشهد الجميع بكفاءة ونجاعة المرحلة التي يقودها السيد أردوغان وفريق عمله ، الذي ضاعف الناتج الوطني التركي 4 أضعاف خلال عدة سنوات فقط ، وأصبحت بلدهم في مصافي الدول العشرين الكبرى في العالم ,ونقول لهم : ألم يشاهدوا أشخاص وكفاءات فريق السيد اردوغان كالسادة (عبد الله غل ، أحمد أوغلو ، علي باباجان ، والفريق الإعلامي المميز مثل سمير صالحة ومحمد زاهد غل ) وأمثالهم المتميزين في الإدارة والقيادة ، الم يدرسوا تلك التجربة ليستفيدوا منها ، ألم يطلعوا على آليات العمل التي تم اعتمادها لاختيار وتعيين تلك الشخصيات ؟؟؟.
ألم يتسفيدوا من تجارب دول الخليج التي أضحت مثالا يحتذى للدول الأخرى في التنمية والتطوير الإداري والمالي والفني ، ألم يشاهدوا في زياراتهم التي لا تنقطع الرياض وجدة والدمام ودبي وأبو ظبي والكويت والدوحة والمنامة وغيرها ، أم يهمهم خدمات الفنادق التي ينزلون فيها فقط ويتجولون بسيارات نوافذها غير مرئية ؟؟؟
هنا ، نتوجه للدول الداعمة للثورة السورية قائلين لقادتها : مشكورين أيها السادة على دعمكم للثورة السورية ، لكن هل ترضون أن تدار مؤسساتكم من قبل غير المختصين ،نتمنى عليكم اشتراط الكفاءة والتخصص حين تقديم الدعم لأن دعمكم سيذهب هدرا في النهاية .
غريب أمر العقلية السورية وأشخاصها ، لم تخرج عن ما تعلمتّه في مدرسة النظام ، وهي لم ولن تستفد من عبر الغير ودروسهم وتجاربهم سواء الناجحة أو المتعثرة .
لذلك أقول للأخوة الثوار والقوى العسكرية التي تقاتل في الميدان من كافة الأطياف ، لن تحققوا ما تبذلون دمائكم من أجله ، لأن نزعات التخريب الذاتي مغروسة في أذهان وعقول وأفعال من يديرون أموركم في الخارج ، أنتم في واد وهم في واد آخر .
أنتفضوا أيها الشجعان ، وافرضوا من يمثلكم في الخارج ، واعتمدوا على أصحاب الكفاءات الحقيقية ، والشخصيات التي لم تتلوث بأفكار وممارسات النظام ومدرسته التي دامت 50 عاما.
قد يتوفر لديكم بعض الوقت حاليا ، لكن إن تأخرتم في قراركم ، فلن تحصدوا من ثورتكم سوى الأسى والمرارة والدم الرخيص .