الرئيسة \  واحة اللقاء  \  التردد الأميركي تجاه سوريا

التردد الأميركي تجاه سوريا

25.06.2013
ترودي روبن

الاتحاد
الثلاثاء 25/6/2013
سياسة إدارة أوباما بشأن سوريا تعتبر في نظري كارثة استراتيجية، تقوض السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط وآسيا. إذا ما كنتم تعتقدون أنني أبالغ؛ فما عليكم سوى مواصلة القراءة.
بعد شهور من الجدل، أعلن مسؤولو البيت الأبيض الأسبوع الماضي أنهم سيرسلون مساعدات عسكرية لمقاتلي المعارضة. لأن الأسد استخدم مواد كيماوية على ما يفترض، ولكن ذلك الإعلان لم يفعل شيئاً سوى أنه جعل الإدارة تبدو رخوة: فالمساعدات العسكرية الموعودة ستشمل فقط أسلحة صغيرة وذخائر وليس أسلحة ثقيلة لإيقاف الأسد. ليس هذا فحسب بل إن الأسلحة المضادة للطائرات ذات الأهمية البالغة لإيقاف هجمات الأسد الجوية لم يتم حتى مجرد النظر في شأنها. وهو ما يجعلني أقول إن هذه الخطة أصغر كثيراً مما يجب ومتأخرة كثيراً عما يجب.
في الآن ذاته نجد أن«استراتيجية» البيت الأبيض لسوريا- المبنية على الأمل في أن موسكو ستضغط على الأسد لدفعه للتخلي عن السلطة في محادثات السلام التي ستجري في جنيف- قد انهارت. فما الذي يدعو الأسد والرئيس بوتين لتليين موقفهما في حين يبدو النصر قريباً في الأفق؟.

على ما يبدو أن أوباما لا يستوعب أن سوريا قد تحولت إلى صراع استراتيجي يشاهده العالم بأسره- وهو صراع يؤثر على جوهر المصالح والأمن القومي الأميركي، ويؤدي أيضاً إلى توتير العلاقات مع الحلفاء العرب الذين يخشون من إيران، ويريدون أن يروا قبضتها على سوريا وقد انكسرت.
وبعد مرور ما يزيد على عامين ومصرع ما يزيد على 93 ألف سوري، لا يزال مستشارو أوباما يترددون، ويتعاملون مع الصراع كما لو أنه أمر محلي وليس تهديداً استراتيجياً كبيراً.
ليس هناك شك أن الخيارات شاقة، وأن الفرصة- في هذا الوقت المتأخر- لتحقيق استقرار سوريا، قد باتت أقل مما كانت عليه من قبل، ولكنني أوكد هنا أن إحجام الإدارة قائم في الحقيقة على أساطير قابلة للتفنيد. الأسطورة الأولى: درس العراق يفرض على واشنطن عدم التورط في حرب أخرى في الشرق الأوسط. والحقيقة: الحالتان مختلفتان اختلافاً كبيراً، فنحن غزونا العراق، وقمنا باحتلاله، في حين لا يطالب أحد بوضع جنود على الأرض في سوريا، وإنما يطالب بمساعدة المعارضة المسلحة المعتدلة التي أمضت وكالة الاستخبارات وقتاً طويلاً في التقصي عن خلفيات قادتها. الأسطورة الثانية: تسليح المعارضين سيقوض فرص السلام. والحقيقة أن الأمل الوحيد في إقناع الأسد بحضور مؤتمر جنيف، هو جعله يشعر بأنه على وشك أن يفقد المعركة. الأسطورة الثالثة: لو أرسلنا أسلحة للمعارضة فإنها قد تقع في أيدي «القاعدة». والحقيقة أن الجماعات «الجهادية» المرتبطة بـ«القاعدة» لديها بالفعل أسلحة كثيرة في حين أن المعارضة المعتدلة، تعاني من نقص السلاح.
الأسطورة الرابعة: تسليح المعارضة سيؤدي لتأجيج الحرب الطائفية بين السنة والشعية، والحقيقة أن الأسد وإيران و«حزب الله» هم الذين يرتكبون المذابح لإقناع السوريين بأنهم بحاجة لديكتاتور.
الأسطورة الخامسة: بمقدورنا النأي بأنفسنا عن الصراع، وترك السوريين يدبرون أمرهم بأنفسهم. والحقيقة: الحرب في سوريا تحولت بالفعل إلى حرب بالوكالة، حيث تقوم موسكو وطهران في نطاقها باختبار مدى استعداد أوباما للدفاع عن مصالح الولايات المتحدة. النقل السريع للأسلحة المضادة للطائرات والدبابات لقادة المعارضة المعتدلين الذين تم التدقيق عليهم، سيجعل حلفاء الأسد يفكرون مرتين بشأن اللعبة الخطرة التي يلعبونها في الوقت الراهن.