الرئيسة \  واحة اللقاء  \  التفرد على الطريقة الروسية

التفرد على الطريقة الروسية

25.09.2013
كاثي يونج


الاتحاد
الثلاثاء 24/9/2013
حظيت مقالة الرأي التي نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز" للرئيس الروسي التي شرح فيها موقف موسكو من سوريا بكثير من الجدل. فالهجوم الختامي الذي وجهه بوتين لأوباما بشأن فكرة التفرد الأميركي غني في سخريته غير المقصودة، بسبب العلاقة المعقدة لأوباما بالتفرد الأميركي وبسبب تاريخ بوتين مع التنوع الروسي.
فقد سبق أن تعرض أوباما للتقريع من "المحافظين"، عندما قالوا عنه إنه تخلى عن التفرد الأميركي. ففي عام 2009، في أول زيارة رئاسية للخارج أثار أوباما غضب "اليمين" عندما قلل فيما يبدو من التفرد الأميركي، وقال: "أؤمن بالتفرد الأميركي. تماماً كما أظن أن البريطانيين يؤمنون بالتفرد البريطاني واليونانيين بالتفرد اليوناني". لكن المدافعين عن أوباما أشاروا إلى أنه أكد أيضاً على أن لدينا قيما محورية"، ورغم أنها ليست مثالية، فهي متفردة"، وأيضا لها دور قيادي فريد في العالم.
أوباما وازن فيما يبدو بين تفرد أميركا، وواجب حماية الأبرياء في الخارج، وقد يرى المرء في هذا توجهاً حكومياً غير معتاد للتفرد الأميركي المتجذر تقليدياً في مبدأ أولوية الشعب على الدولة: الأفراد لهم حقوق لا يمكن إنكارها بينما تستمد الحكومة سلطاتها من قبولهم لها.
وفي نهاية مقاله، وجه "بوتين" توبيخه قائلاً "من الخطر للغاية أن نشجع الناس كي يروا أنهم استثنائيون مهما يكن من أمر الباعث، فهناك دول كبيرة وصغيرة وغنية وفقيرة، ودول لها تقاليد ديمقراطية راسخة، وتلك التي مازالت تجد طريقها إلى الديمقراطية.... يتعين علينا ألا ننسى أن الله خلقنا متساوين". هناك سلسلة من النكات الروسية القديمة عن الوقاحة والوقاحة الصارخة. وكلمة بوتين تنتمي للوقاحة الصارخة، فلا توجد ثقافة في العالم اليوم مشبعة بفكرة عظمة بلادها المميزة مثل روسيا. وإضافة لهذا، فإن الحس القومي عنصر محوري في طول مسار بوتين السياسي.
وبعد انهيار الشيوعية عام 1991، شهدت روسيا عودة لصراع كان دائرا في القرن التاسع عشر بين "المتغربين" وأنصار النهج الروسي الخاص، وطراز السلطوية الجديدة التي يتبناها بوتين رغم زخرفها الغربي تعد انتصاراً للحس القومي. ولا عجب إذن أن يكون النشيد الوطني الروسي في عهد بوتين يصف روسيا بأنها "واحدة في العالم ووحيدة من نوعها... بلادنا يحميها الرب". ودأبت وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة والكنيسة الأرثوذكسية الروسية، المؤيدة لبوتين، على العزف على تفرد روسيا في مقابل الغرب ذي النزعة الفردية والفاسد.
وكتب بوتين، في يناير 2012، قبل عودته بقليل إلى الرئاسة، مقالًا لصحيفة "نيزافيسيمايا جازيتا" الروسية البارزة مؤكداً أن "المهمة الكبيرة للروس هي توحيد وتعزيز الحضارة". وكان من المفترض أنه يشير إلى دور عرقية الروس في بلد متعدد الأعراق والعبارة المصحوبة بحنين شهير إلى الإمبراطورية السوفييتية.
واقتبس بوتين قول روائي القرن التاسع عشر "فيدور دوستويفسكي" تأكيده على أن الشعب الروسي لديه "تقمص وجداني كوني" ناسياً أن "دوستويفسكي" استخدم هذا الزعم كأساس قومي استعماري. وكتب "الأمة العظيمة حقاً لا يمكن أن تقبل أبداً مكانة ثانوية في تاريخ البشرية، أو أن تكون واحدة من الأوائل، بل يجب أن تكون في المقام الأول".
التفرد الأميركي، رغم أنه معيب، قائم على فكرة الحرية. والتفرد الروسي قائم على تفوق الحكومة الأبوية والوشائج العرقية على حقوق الأفراد. والتشجيع على هذا أيديولوجية خطيرة بالفعل.
محللة سياسية أميركية
ينشر بترتيب مع خدمة "إم.سي. تي. إنترناشونال"