الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الترنح الروسي وحديث الفيدرالية السورية

الترنح الروسي وحديث الفيدرالية السورية

03.03.2016
اليوم السعودية


كلمة اليوم
الاربعاء 2/3/2016
على الرغم من ان روسيا ليست الفاعل الوحيد والرئيس في الشأن السوري، وان تدخلها العسكري كان نتيجة لانهيار قوة النظام والميليشيات، ولان روسيا تعتقد بان الهدنة ستؤدي لفرض حلول على المعارضة والشعب السوري، وانها بذلك تؤكد بأنها استطاعت الحصول على تسوية للازمة السورية، فان هذا ليس الا مجرد وهم سياسي كبير، ومحاولة للهروب الى الامام من المعالجة الحقيقية للازمة السورية، واولى هذه المعالجات الانصياع لارادة ورغبة الشعب السوري.
كل التحليلات المعمقة للازمة السورية تشير، الى أن الشعب السوري طيلة تاريخه السياسي لم يكن طائفيا، ولو كان طائفيا لما قبل اساسا بالعلويين لحكمه طيلة هذه الفترة، لكن سبب رفضه لهم، هو الامعان بالاذلال والقمع والفساد الكبير، واخيرا تسليم سوريا الى ولاية الفقيه والعبث بالامن العربي.
روسيا التي دخلت وهي تعتقد بأنها فرصة جديدة لتسويات تاريخية في المنطقة، وانها تستطيع ان تجد لها موطئ قدم في المياه الدافئة، عبر التفاهم مع واشنطن، تدرك أن وحدة سوريا هدف رئيس واستراتيجي ليس للسوريين فحسب، وانما هدف لغالبية دول العالم ذات العلاقة بالمنطقة، لان انفراط العقد السوري، لن يبقى وحيدا في سوريا هذه المرة، وسيشمل الاراضي الروسية.
لقد أكدنا مرارا، أن الحل في سوريا، ليس حالة صراع سياسي، بل ان الحل الحقيقي المؤدي للامن والاستقرار الاقليمي والدولي، يتطلب ازاحة الاسد، باعتباره السبب الرئيس في مشكلات سوريا، بسبب تسليم ارادة سوريا للايرانيين، وبسبب العقلية الامنية والبوليسية.
نحن على يقين تام، بأن القيادة الروسية، وان استجابت للضغوط الدولية والاقليمة بوقف الحرب، الا ان هناك اطرافا عديدة، مازالت تهمس في الاذن الروسية بأن تقسيم سوريا هو الحل، ليس لخلاص سوريا مما هي فيه من دمار وتدمير وتهجير ولاجئين وقتلى، بقدر ما يعبر ذلك عن خيالات مريضة، تدفعهم لدعم الاسد.
ان ولادة التنظيمات الارهابية المتطرفة في العراق وسوريا، ليس لان هناك من يدعم هذه التنظيمات، بل لان هناك واقعا مأساويا عاشته هذه الشعوب في السنوات الماضية، بسبب سوء الادارة، والسياسات الطائفية العمياء التي تعبر عن جوهر السياسات الايرانية في المنطقة.
ان خلاص سوريا بالخلاص من الاسد والميليشيات الطائفية، وارهاب داعش والنصرة، واعادة بناء سوريا وطنا لجميع المكونات دون اقصاء وتهميش لأحد، في ظل دولة واحدة ودستور عصري يعبر عن ارادة السوريين.
ان على روسيا الا تفقد مصداقيتها في العالم العربي والاسلامي، وان مجاراتها لايران على حساب الشعب العربي السوري بكامل مكوناته، لن يذهب دون مواجهات غير محتملة ومؤلمة ايضا، فنحن نقرأ التاريخ جيدا، ومن يعتبر من الماضي لا يتقدم للامام خطوات غير مدروسة.. وان ايران التي استنفدت اوراقها في المنطقة، لم تعد ايران التي يعول عليها مستقبلا، ولعل التحولات الجارية في العراق وسوريا ولبنان، والعالم العربي والاسلامي مؤشر يستفاد منه في كيفية بناء العلاقات مع القوى العربية والاسلامية الحية.
ان تاريخ العلاقات الدولية يشير الى ان التاريخ يعيد نفسه، ولكن على شكل مأساة جديدة، وان الاحلام حول التفتيت والتهجير لن تؤدي الى نتائج عملية، وان على دول الجوار الاقليمي ان تتصالح مع المنطقة، لا ان تصبح ادوات تدخل.