الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الترهيب من الديمقراطية.. والترهيب بها

الترهيب من الديمقراطية.. والترهيب بها

08.06.2014
منار الرشواني



الغد الاردنية
السبت 7/6/2014
هل كانت سورية ستعاني كل هذا القتل والدمار والتهجير لو أن نظام بشار الأسد استجاب للمطالبات المحقة، والمتأخرة جداً، بالإصلاح، والتي ما توقفت منذ وراثته السلطة عن أبيه قبل أربعة عشر عاماً؟ طبعاً لا؛ حتى وإن ادعى البعض أن الثورة السورية من مبتدئها السلمي وحتى اليوم هي مؤامرة. إذ يظل صحيحاً بداهة أن ظروف تنفيذ هذه المؤامرة المزعومة، أو الموهومة بافتراض منتهى حسن نية القائلين بها، إنما خلقتها سياسات النظام أساساً.
كان تبرير مواصلة ذات ممارسات الماضي؛ قمعاً وفساداً، بل والإمعان فيها، على امتداد ما يزيد عن عقد كامل، تلخصه المقولة الشهيرة جداً لنائب الرئيس وقتها عبدالحليم خدام، بأن الديمقراطية ليست إلا محض "جزأرة"؛ في إشارة طبعاً إلى الحرب الأهلية التي شهدتها الجزائر، وعرفت بـ"العشرية السوداء"، عقب إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية في العام 1991.
اليوم، تبدو الصورة معكوسة تماماً. فالنظام الذي طالما أرهب الشعب من الديمقراطية، يبدو حريصاً عليها الآن، وإلى الحد الذي يجعل مبرراً التساؤل "عن مصير" من "تجرأ" على عدم التصويت في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، للأسد طبعاً! وهذا ليس إلا أول الترهيب أو الإرهاب "الديمقراطي!" للشعب.
فبحسب أنصار الأسد، كانت الانتخابات الرئاسية في سورية شفافة ونزيهة. وإذا كان الشهود بحد ذاتهم دليل إدانة، إذ يكفي أن بينهم كوريا الشمالية وموزمبيق؛ فلعل النظام  يستطيع التغطية على ذلك بأن الأسد لم يفز، وخلافاً لما جرت عليه العادة، بنسبة 99 % من الأصوات. والأهم من ذلك أن الأصوات التي تم تخصيصها للمرشحين الآخرين المغمورين وقليلي الخبرة في السياسة، قد فاقت في نسبتها تلك التي حصل عليها حمدين صباحي في انتخابات الرئاسة المصرية المقبولة دولياً، فكان أن حلّ زعيم التيار الناصري العريق ثالثاً في منافسة بين مرشحين اثنين فقط؛ بعد أن تفوقت عليه أيضاً الأصوات "الباطلة"!
أياً يكن، يظل السؤال الفعلي عن البرنامج الذي خاض على أساسه الأسد الانتخابات؟ وبالتالي، ما هو المستقبل الذي تقول روسيا إن الشعب السوري اختاره ببقاء الأسد؟
الإجابة ببساطة، وبشكل قطعي بناء على الوحيد المعلن، هي مواصلة ما يتم من تقتيل وتدمير منذ اندلاع الثورة السورية، أملاً في العودة إلى الوضع القائم قبل آذار (مارس) 2011، إنما فقط على صعيد استقرار ممارسات الاستبداد والفساد، وليس أي شيء آخر. لكن الاختلاف الآن، وهو المستهدف فعلاً بالعرس الانتخابي، أن القتل والإفناء والتدمير والتشريد تتمتع بشرعية "الديمقراطية" التي منحتها الضحية ذاتها لجلاديها، فلا مجال بعد ذلك لأي كان للاعتراض!
حين تكون الديمقراطية مجرد انتخابات، يصير ممكناً تفهم لماذا يصف البعض "الربيع العربي" بالمؤامرة. فحسني مبارك وزين العابدين بن علي، مثلاً، كانا أيضاً يجريان انتخابات دورية. لكن يظل غير المفهوم هنا أن يعود أنصار الأسد للمشاركة في هذه "المؤامرة"، حين يطالبون بأكثر من انتخابات موجودة فعلاً في بلدانهم!