الرئيسة \  واحة اللقاء  \  التسليح لتفادي الهزيمة الكاملة

التسليح لتفادي الهزيمة الكاملة

15.06.2013
سميح صعب

النهار
السبت 15/6/2013
 منذ عامين كان المشهد السوري يتشكل بعيداً من السيطرة الاميركية. وجلست واشنطن في الصفوف الخلفية  عندما سعت دول عربية وتركيا الى اسقاط الرئيس بشار الاسد. وفي المقابل دافعت عن الموقع الجيوسياسي لسوريا، الامر الذي مكن دمشق من استعادة الزمام في الاشهر الاخيرة والانتقال الى الهجوم وصولاً الى القصير والتحضير لاستعادة حلب.  
 وامام واقع ميداني متسارع يصب في مصلحة النظام، وقعت ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما  تحت ضغط هائل من مسؤولين في الادارة والكونغرس مؤيدين لتدخل اميركي اكثر فاعلية في سوريا وذلك لتجنيب الولايات المتحدة خسارة استراتيجية ليس في سوريا فحسب وإنما في الشرق الاوسط بكامله. وهكذا كان قرار اوباما تسليح "الجيش السوري الحر" والتلويح بمنطقة حظر طيران فوق سوريا قريباً من الحدود الاردنية. وعلى خطى الرئيس الاميركي السابق جورج بوش لتبرير التدخل في العراق، قال اوباما انه ثبت لديه ان الجيش السوري استخدم الاسلحة الكيميائية ولو على نطاق محدود وان مثل هذا الامر يحمله على تغيير قواعد اللعبة. 
 وبعيداً من المعنى المباشر للتحرك الاميركي الاخير، إن المعاني السياسية التي يدل عليها هذا التحرك متعددة. فهي تنم عن وصول واشنطن الى اقتناع مفاده ان المعارضة السورية قد لحقت بها خسائر فادحة في الاشهر الاخيرة بحيث باتت عاجزة بعد القصير ودخول "حزب الله" في القتال، عن الاحتفاظ بمواقعها. والخسارة على الارض تجعل موقف المعارضة والدول الداعمة لها ضعيفاً في مؤتمر جنيف - 2. كما ان واشنطن تدرك بعد التطورات العسكرية الاخيرة في سوريا ان موقع روسيا وايران بات الاقوى في المنطقة. فطهران تكرست قوة اقليمية اقوى مما كانت قبل نشوب الازمة السورية التي استخدمها الغرب بشكل اساسي في العامين الماضيين لاضعاف طهران. أما روسيا، فهي في طريقها الى تكريس عودة استراتيجية الى الشرق الاوسط من خلال الوجود البحري الدائم في المنطقة ومن خلال العمل على تعديل معاهدة قوة فك الاشتباك في الجولان لتأمين مشاركة روسيا في هذه القوة تعويضاً للنقص الذي اسفر عنه الانسحاب النمسوي من القوة الدولية.  
 ولئن كانت الولايات المتحدة تدرك ان الاحداث في سوريا بعد خسائر المعارضة السورية، قد تتخذ منحى معاكساً لكل ما نادى به الغرب منذ اندلاع الازمة، مثل اسقاط الاسد واضعاف ايران ومحاصرة "حزب الله" واقامة نظام سوري جديد موال للغرب بما يشكل نصراً استراتيجياً لاميركا عجزت عن تحقيقه بالواسطة، فإنها تقحم نفسها أكثر اليوم في آتون الحرب السورية.