الرئيسة \  واحة اللقاء  \  التشفي بضرب دمشق!

التشفي بضرب دمشق!

10.12.2014
حلمي الأسمر



الدستور
الثلاثاء 9-12-2014
احتفال المغردين بضرب العدو الصهيوني لدمشق، عبر سلسلة "مسخرات" على مواقع التواصل الاجتماعي، يدل على فساد بنيوي في الوجدان العربي، الذي استمرأ ضرب غزة وغنى للعدوان الصهيوني، متمنيا القضاء على حماس والمقاومة، وهتف لشارون من قبل، هذه ظاهرة غريبة على العقل الجمعي العربي، الذي كان على الدوام حيا ولو في سياق الحالة البلاغية، لا الفعلية، فلم نشهد في أي حقبة من حقب تاريخنا المعاصر عربيا واحدا يجهر بالتصفيق والنهيق والنق للعدو، فما الذي حدث؟ ولم فسد هذا الوجدان على هذا النحو المقذع؟
أغلب الظن أن هذا السلوك العلني المشين لم يكن ليحدث، لو لم تعتد العين العربية على قراءة اخبار وتسريبات هنا وهناك، عن محاربة ما يسمى "الإرهاب الإسلامي" .
يبدو أن مثل هذه الأخبار، جرّأ السوقة والعوام على إخراج ما في جعبتهم من فضلات تثير التقزز، فأطلقوها محتفلين ومتشفين بضرب إسرائيل لدمشق، إن هذا السلوك المشين غير مبرر إطلاقا، حتى في ظل الاختلال مع من يحكمون الدولة، فسوريا، كانت ولم تزل، وستظل، بلدا عربيا حبيبا إلى قلوبنا، ولا يمكن لحس بشري عربي سليم أن ينحاز لإسرائيل ضدها، وما هذه الغمامة التي تظلل سماء الشام إلا نتيجة ما فعلته الأيدي السوداء التي استمرأت التدخلات منطلقة من جحور التآمر ممن ترى أن مصلحتها تقتضي ديمومة إشعال النار، كي تأكل مقدرات الأمة، وشبابها، وزينة عواصم بلاد الشام!
إلى هذا، فمن أمن العقاب اساء الأدب، فقد تحول الشطط القومي إلى ممارسة طبيعية بلا عقاب، رسميا وشعبيا، بعدما أُهدِرت دماء الشباب والشيب والنساء والأطفال، في طرقات "الربيع" وميادينه، وغصت بهم السجون والمعتقلات، واستقوت الثورة المضادة بكل الأسلحة ما ظهر منها وما بطن، لخنق إرادة الشعب، وقهره، ما وفر الجو المناسب لتخرج الفئران من جحورها، وتستقوي بالسواد، فترفع صوتها بتلك الأصوات المنكرة.
ومع هذا، فلم تزل تلك الأصوات نادرة، ولم يزل الوجدان العربي حيا نقيا، ونحن على يقين، أن روح هذه الأمة لن تموت، وأن الجمر يبقى، حتى وإن بدا أن الرماد غطاه بالكامل!