الرئيسة \  واحة اللقاء  \  التطرف الإسلامي صناعة أمريكية!!

التطرف الإسلامي صناعة أمريكية!!

11.01.2014
يوسف الكويليت


الرياض
الجمعة 10/1/2014
    "داعش" أو دولة العراق والشام جاءت كبديل عن جناحيْ حزب البعث في البلدين، فهي خليط من إسلاميين وبعثيين وآخرين جمعتهم تداعيات الأوضاع المستجدة، وقد أظهرت دعوات بأنها تحارب النظامين، والشك يحوم حولها بأنها صناعتهما، ومثل الوحش "فرانكشتاين" تحولت إلى قوة تضرب وتحتل وتتظاهر بالولاء والعداء، والغريب أن ما يجري في الأنبار رغم ادعاءات دولة المالكي بأنها تكافح الإرهاب هو ضرب عشائر السنة المتهمة عنده بالإرهاب، فيما نجد الأسد يحتفل بالتقاتل بين المعارضة في الشمال السوري، مع أنها بدأت تخسر مواقعها في حلب وبقية المدن الأخرى..
هذا الوليد الغريب الذي قيل إنه فرع للقاعدة، أو متمرد عليها، كيف حدثت داخله هذه التوليفة العجيبة، ومن يمولها ويمدها بالسلاح، وإذا اعتبرنا مسألة الأفراد يمكن تجنيدهم من الداخل والخارج أسوة بالمنظمات المتطرفة الأخرى، التي فُتحت لها الخزائن، إلا أننا أمام طلاسم غير واضحة مما يدبره نظاما البلدين تجاه هذا التنظيم؟
في الفوضى الأمنية لأي بلد تولد التناقضات، وينشأ في ظلها منظمات وتنظيمات وتحالفات مع الخارج، وتبرز محتويات العلاقات الداخلية المتوترة التي تجعل القاعدة تقوم بخلق هذه التيارات وصراعاتها، والغريب أن سورية والعراق اللذين تبنيا تيار الوحدة العربية وحكمهما عروبيون، وصاغا المشروع القومي العربي، هما أشد البلدان العربية في عوامل الخلافات الداخلية، ما انعكس على حاضرهما بشكل مفجع حتى إن حالة التقسيمات وفقاً للطائفية والقومية هي الصياغة القادمة.
فالعراق قُسم تلقائياً، وسورية في مؤتمر جنيف القادم ستوضع على خارطة التقسيم كهدف يلتقي حوله الشرق والغرب، وهذا ما دفع الروس لرفع فزاعة الإرهاب مقابل الأسد كخيار حتمي، وأمريكا التي عاشت عقدة طالبان والقاعدة وخسرت نفوذها العالمي بسبب ملاحقاتها لأي تيار شيوعي أو إسلامي وقومي باتت تتخلى عن تلك المهمات للإبقاء على الرأي الدبلوماسي غير الملزم على خوض المغامرات والحروب ولكنها مع سورية رغم اطمئنانها على سلامة إسرائيل فهي تعرف أن موقعها لا يتعلق بوضع داخلي بل إن رمزية داعش نفسها تفتح الطريق إلى نشأة تحالفات قادمة في سباق على هلال سني بديل لهلال شيعي، وقد يدخل حتى المهمشين السنة في إيران معهم، وهنا فبدلاً من أن تكون سورية دولة ونظاماً للجميع، ستكون قاعدة لخلق الفوضى في المنطقة كلها، يعطيها موقعها الاستراتيجي الأسباب لديمومة الحروب الطويلة.
وإذا كان لبنان واقعاً تحت سلطة حزب الله وحليف من بعض المسيحيين المارونيين، وجبهة للسنة تنمو للرد على التوغل الإيراني فالشريط الملتهب الآن سيبقى امتداداً جغرافياً يبدأ من العراق وقد لا ينتهي في لبنان عندما تدخل قوى مساندة من الأردن وتركيا، وقد تلعب إسرائيل دور صانع الحرائق بوسائلها المختلفة، وفي كل هذا نجد المعالم واضحة في حروب مذهبية طويلة..
أمريكا هي من خلقَ ودعم مجريات التطرف بدءاً من تركها أفغانستان لتصارع ذاتها، ومروراً بتسليم العراق لإيران، ورفضها مقاومة نظام الأسد أو دعم المعارضة عندما كانت متلاحمة.
وعلى افتراض ترك الراعي والرعية في المنطقة، فإنها ستكون أحد الأهداف للتطرف من أي فصيل..
وبصورة عامة هل تولد دولة الشام والعراق كجيب سنيّ يأخذ مداه لاحقاً، ويتوسع على مساحة أكبر كبديل وخيار عن النظامين العراقي والسوري، أم أن دورة جديدة ستأتي بالمصادمات الأخطر والأكبر؟!