الرئيسة \  واحة اللقاء  \  التلاعب بالثورة السورية

التلاعب بالثورة السورية

13.12.2015
سمير الحجاوي



الشرق القطرية
السبت 12/12/2015
تعتبر الثورة السورية حالة فريدة في عالم الثورات التي عرفها العالم، فدائما كان هناك طرف يدعم الثورة، من فلسطين إلى الجزائر وفيتنام وكوبا، وتشكل حالة استثنائية فقد حاول الجميع وأدها في مهدها وتأمروا عليها، وعندما استعصى عليهم الأمر بدأوا بمحاولة تشكيل "معارضة مقبولة ومعروفة"، عن طريق خلق مجموعة من "الدكاكين الثورية"، إلا أن التجربة فشلت رغم إعلان أمريكا أنها استقطبت ما بين ألف إلى 3 آلاف معارض مقبول"، وبعد ذلك تم اللجوء إلى تقسيم الثوار السوريين إلى "متشددين إرهابيين" و"معتدلين"، وتم تكليف الأردن بوضع قائمة "للثوار الإرهابيين" حتى يتم تمييزهم عن "المعتدلين"، وقامت الولايات المتحدة بتدريب مجموعة من "المعارضة المعتدلة" لكنهم سرعان ما سلموا أسلحتهم لثوار سوريا، وفشلت المحاولة الأمريكية مرة أخرى.
أمريكا ومعها غالبية الأنظمة العربية رفضت أن تعترف بالثورة السورية وتعاملت مع ما يجري في سوريا على أنها "أزمة" أو"حرب أهلية"، وسعت إلى "حل الأزمة السورية" على أساس لا غالب ولا مغلوب، التي تعتمد على العنوان العريض "ثورة لا تنتصر ونظام لا يهزم"، وتعاملوا مع نظام الأسد الإرهابي الدموي على قاعدة "منحوس نعرفه أفضل من منحوس لا نعرفه"، وهكذا تحول بشار الأسد إلى "منحوس مقبول" من أمريكا والغرب وغالبية الأنظمة العربية، لأن أفضل من "المجهول المرعب".
ولكن الشعب السوري أثبت أنه "عنيد وراسه قاس" ورفض هذا الطرح "الرسمي العربي – الأمريكي- الأوروبي"، فكان لابد من تعديل الصيغة بطرح التضحية برأس الأسد مقابل الحفاظ على نظامه، وتسويقه على أنه شريك في الحل، بحجة الحفاظ على مؤسسات الدولة، وهي مؤسسات فاسدة وقمعية وطائفية، وهذا ما تنبهت له الفصائل المسلحة الثورية في سوريا، وعلى رأسها حركة "أحرار الشام" ولذلك طرحت ثوابتها من أجل القبول بحل سياسي والتي تتضمن: تحرير كامل الأراضي السورية من الاحتلال الروسي - الإيراني والمليشيات الطائفية التي تساندهم، وإسقاط نظام الأسد بأركانه ورموزه كافة، وتقديمهم إلى محاكمة عادلة، وتفكيك أجهزة القمع العسكرية والأمنية، والحفاظ على وحدة سوريا أرضا، وشعبا، واستقلالها وسيادتها، ورفض المحاصصة الطائفية والسياسية، والحفاظ على الهوية الإسلامية لشعبنا وثوابت ديننا الحنيف، والتأكيد عليها، وإعطاؤه الحق الكامل في تقرير مصيره، بما ينسجم مع هويته وتاريخه.
أما الجيش السوري الحر فقد تبنى قائمة أطلق عليها "خطوط الثورة الحمراء والخضراء"، تتضمن: التأكيد على أحقية الشعب السوري بتحديد شكل الدولة ونظام الحكم في سوريا، اشتراط رحيل الأسد وأركان حكمه قبل بدء أي عملية انتقالية، وضرورة التحديد الواضح لأركان النظام الذين يُمنع اشتراكهم في المرحلة الانتقالية وما بعدها. وتثبيت هوية سوريا العربية الإسلامية، وهي هوية وطنية جامعة ترفض المناطقية والعِرقية والطائفية، وخروج القوات العسكرية الإيرانية والروسية والميليشيات الطائفية قبل بداية المرحلة الانتقالية، واشتراط بدء المرحلة الانتقالية بتفكيك الأجهزة الأمنية القمعية وإعادة بنائها على أسس وطنية، وتوفير ضمانات دولية كافية عن طريق مجلس الأمن الدولي وقراراته الملزمة، والتأكيد على أن بيان "جنيف1 " هو المرجعية السياسية للحل في سوريا، والتمييز بين النظام والدولة، واعتماد قانون العزل السياسي لضمان حرمان المسؤولين في العهد السابق من المشاركة السياسية لمدة عشرة سنوات، وتحريم مبدأ التغلب من قبل طرف يملك القوة العسكرية.
هذه الشروط الواضحة التي وضعها الثوار، تعبر عن حالة من الوعي الكامل للمطبات والمصائد التي تنصب للإطاحة بالثورة، ومطالب الشعب السوري العادلة بالحرية والكرامة والعدالة والقصاص ممن أراقوا الدم السوري وهجروا نصف الشعب داخل وخارج سوريا، وهي شروط تمثل صخرة تتحطم عليها كل المؤامرات الرامية للقضاء على الثورة السورية.