الرئيسة \  واحة اللقاء  \  التوحد على التدخل الدولي في سورية؟!

التوحد على التدخل الدولي في سورية؟!

17.05.2015
منار الرشواني



الغد الاردنية
السبت 16-5-2015
لم تشفع لرئيس "تيار بناء الدولة"، لؤي حسين، حقيقة أنه معارض سوري شيوعي عتيق، دفع ثمن ذلك سبع سنوات في السجن زمن الأسد الأب، كما اعتقل مطلع الثورة السورية على خلفية تضامنه مع أهالي درعا، ثم اعتقل مؤخراً لأشهر قبل إطلاق سراحه ليحاكم طليقاً، فكان أن قرر الفرار إلى تركيا. إذ برغم كل ذلك، بدا ثمة استعداد كبير لصب السوريين من مناوئي نظام الأسد جام غضبهم على لؤي حسين -ومعه رئيس الائتلاف السوري خالد الخوجة- على خلفية إزاحة علم الاستقلال/ الثورة خلال المؤتمر الصحفي الذي عقداه في اسطنبول قبل أيام. وتعمق ذلك حد تخوين الرجل مع تسريب تسجيل صوتي استخدم فيه لؤي حسين، ونائبته منى غانم، أقذع الألفاظ بحق الثورة والثوار.
ولعل ما يفسر هذه الريبة الشعبية، وفق أحسن الأوصاف، برئيس "بناء الدولة" (علماً أنه أصدر بياناً أكد فيه عدم صحة التسجيل؛ كما أكد على صفحته على "فيسبوك" احترامه لعلم الثورة)، هو حقيقة رفضه الصريح لعسكرة الثورة، مع ما استتبع ذلك من مواقف (سابقة) حادة منه تجاه فصائل المعارضة على الطرف الآخر. وليبدو هنا التحول الأكثر أهمية في موقف لؤي حسين عقب مغادرته سورية، والذي لم يلق رغم ذلك أي تركيز تقريباً؛ أي ذاك المتمثل في "قبوله" تدخلاً عسكرياً دولياً في سورية الآن، لإنهاء المأساة هناك، وعماد ذلك التخلص من بشار الأسد!
فكيف يمكن تفسير هذا الانقلاب من معارض (سابق) لعسكرة الثورة؛ وأهم من ذلك أنه قريب من موسكو التي -مع طهران- ما بخلت على الأسد بكل دعم لمواصلة الحرب على الشعب السوري، بديلاً عن أي إصلاح؟
برر لؤي حسين موقفه الجديد المثير، بأنه لم يعد هناك نظام في سورية، بل مليشيات؛ وأن من يتحكم بالبلد فعلياً -أو ما تبقى منها- هو إيران (وحزب الله). ورغم صحة هذا -حتى باعترافات مؤيدي النظام، وبينهم أفراد من عائلة الأسد ذاتها، ممن صاروا يسهبون في الحديث على "فيسبوك" عن التشبيح والإجرام في المناطق العلوية- إلا أن هذا التفسير لا يعدو أن يكون جزءاً من الدافع الفعلي، أو منطلقه في الواقع، وبحيث يتوحد الآن كل خصوم الأمس، من اللاعبين الإقليميين والدوليين، على مطلب التدخل العسكري الخارجي في سورية.
فمع هكذا "أشلاء نظام"، وسطوة إيرانية تهمش وتهين وتصفي قادة الأسد العسكريين والأمنيين، يبدو أن أقصى ما يمكن لإيران (وحزب الله) فعله هو ارتكاب مزيد من المذابح بحق السوريين، وتدمير ما يمكن تدميره من بلدهم. وإذا كان هذا يمنح طهران بعض الوقت، قل أو كثر، فإن هذه الجرائم تمنح العناصر المتشددة منخرطين جدداً تحت راياتها، وسيادة للخطاب الطائفي الثأري عموماً. واليوم، تعبر الولايات المتحدة صراحة، وكثير ممن يسمون "أصدقاء الشعب السوري"، عن قلقهم من بروز "جبهة النصرة" بين فصائل المعارضة السورية التي حققت اختراقات عسكرية في الشمال والجنوب.
الآن يمكن إكمال الصورة السابقة بالطلب الأميركي المفاجئ كشف "سر!" المسؤول عن استخدام الكلور ضد الشعب السوري، والذي بات يندرج ضمن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وليكون ممكناً التدخل عسكرياً ربما، إنما شكلياً ضد الأسد المنتهي، وفعلياً ضد "النصرة" (كما "داعش")، فتكتمل بذلك مطالب لؤي حسين المقرب من روسيا للتدخل الدولي في سورية!
يقول الخبير في الشؤون السورية، آرون لند، إنه "بعد أربع سنوات على اندلاع الانتفاضة فيها، استحقت سورية مسمى مقبرة التحليل السياسي". وهذا صحيح تماماً، إلا بشأن أمر واحد، بدهي، يتأكد كل يوم، وهو أن بقاء الأسد وتمسكه بالحل العسكري والأمني، لم يخدم إلا التطرف والتشدد على جانبي الصراع.