الرئيسة \  مشاركات  \  الثورة السورية إذ لم تترك عذرا لمعتذر

الثورة السورية إذ لم تترك عذرا لمعتذر

10.07.2014
محمود عثمان



منذ بداية الثورة حرصت النخب السورية المعارضة على تقديم واجهة سياسية تمثل الثورة السورية بطريقة مؤسساتية حضارية فجاء المجلس الوطني باكورة مؤسسات المعارضة ممثلا لأطياف الموزاييك السوري حيث ضم في صفوفه غالبية المعارضة على اختلافها وتنوعها صناعة سورية خالصة .. وكذلك تشكلت نواة الجيش الحر دونما تدخل من أياد خارجية .
بعد أن غدا جليا أن نظام بشار الأسد عاجز عن قمع الثورة بدأت بعض الدول الصديقة والشقيقة بالتدخل في المسألة السورية لا من خلال دعم مؤسسات المعارضة وتقويتها بل عن طريق استحداث جيوب وكيانات ترتبط بها مباشرة .. بل عمد ضباط مخابرات بعض الدول الشقيقة الى عقد مؤتمرات في عدة مدن تركية نتج عنها تشكيل مجالس عسكرية ضمت الضباط السوريين الذين انشقوا عن النظام , وقدمت لها تلك الدول كل أنواع الدعم عدا ذاك الذي يمكنها من ممارسة عملها داخل التراب السوري ّ!..
لم يرق المجلس الوطني لبعض القوى المؤثرة حيث أنه صناعة سورية خالصة ويعمل بطريقة مؤسساتية فعمدت الى العزف على نغمة أن الاسلاميين يسيطرون عليه - فقد يتأذى أصحاب العيون الزرق من رؤية الاسلاميين بهذا الكم رغم أن نسبتهم لم تتجاز ثلاثين بالمائة - فكان لا بد من تغيير المجلس لا إصلاحه ! رغم التوسعة التي أعطت غير الاسلاميين أضعاف حقهم في التمثيل .. وفعلا أصرت تلك القوى من خلال فرض مبادرة سيف - فورد على تجاوز المجلس وتشكيل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة يتم تشكيله نتيجة ضغوط أمريكية عربية بمشاركة كتلة من المجلس الوطني وبعض الشخصيات والرموز الوطنية وإضافة بعض لمامات المعارضة , وتمت هيكلة الائتلاف على مقاس الأشخاص الذين تم تعيينهم لقيادته فكان أقرب إلى شركة تجارية منه إلى منظومة سياسية ثورية معارضة , واضطرت المعارضة السورية لقبول هذا المولود المنغولي تحت عصا الحاجة وجزرة الدعم اللامحدود والاعتراف الدولي !. ثم استمرت سلسلة الأخطاء فاختارت الدول الصديقة ممثلا للائتلاف لديها في سابقة لم يشهدها التاريخ لها مثيلا من قبل !. إذ عينت كل من تركيا وقطر وانكلترا وفرنسا ممثلي الائتلاف لديها !. ولعل ما يسلي النفس أن اختيارهم -والحق يقال - جاء أفضل مما لو عينهم الائتلاف نفسه .
وفيما ألقت إيران بثقلها ودفعت بكل أدواتها لدعم ومساندة نظام بشار الذي ازداد وحشية وقتلا وتدميرا وتشريدا انتقلت رعاية المعارضة من دولة صديقة الى دولة شقيقة إلى شقيقة أكبر منها .. وانتظر السوريون الدعم بالمال والسلاح لكن القصير فيبرود والقلمون وحمص ودير الزور كانت تسقط الواحدة تلو الأخرى ,وكما تبخر جيش المالكي تبخر الجيش الحر ولم يبق سوى بعض الكتائب والألوية هنا وهناك ,وظهر تنظيم داعش كقوة ضاربة أنست المجتمع الدولي السوريين ومعاناتهم ليلتف إلى محاربة ما يسمى بالارهاب !.
حصاد العام المنصرم من قيادة السيد أحمد عاصي الجربا للائتلاف والمعارضة السورية امتاز بالأداء الفردي العشوائي وغياب الشفافية المالية والخلافات التي لم تنته على كلتا الساحتين السياسية والعسكرية .. ورغم مبادرة بعض العقلاء للمشورة واستدراك الأمر إلا أن الاستقطاب الحاد والتركيبة المنغولية لمؤسسة الائتلاف وحرص قطبي الرحى على الامساك والسيطرة اضطرت الشخصيات الوطنية المحترمة أمثال الدكتور برهان غليون والدكتور رياض حجاب إلى الابتعاد وترك الميدان لمن استقتل في الاستحواذ عليه ..
اليوم وقد انتهت انتخابات الائتلاف ,وجاءت النتائج كما تشتهي كثير من الدول والقوى الشقيقة والصديقة واستبعد الاسلاميون من المشهد فهل ستشهد الأيام القادمة دعما حقيقيا للثورة السورية ,وهل ستنتهي قريبا معاناة السوريين ؟!..
*كاتب سوري