الرئيسة \  مشاركات  \  الثورة السورية بين الطارئ والاستراتيجي

الثورة السورية بين الطارئ والاستراتيجي

19.01.2014
وليد فارس


حمص
ثلاثة أعوام –تقريباً- من عمر الثورة السورية مرت, بحلوها ومرها, تفاصيل كثيرة سُجلت خلال الفترة في آلاف الصفحات, وتجارب ناجحة وأخرى فاشلة, وبين هذا وذاك, تبقى الثورة مستمرة...ويستمر العطاء.
إلى متى ستستمر الأوضاع على ماهي عليه؟, وماذا بعد؟, وإلى أين؟, أسئلة تتردد على ألسنة الكثيرين من أبناء الثورة السورية الفاعلين, يطلقون السؤال فيرجع إليهم صداه, بـأين هو ذلك الجبل المرتفع ليرتقيه المتابع للثورة ليرى المشهد كاملاً ويرى نهاية الطريق أو بعده أو قربه؟, بل أين هي الصفحات التي حوت كامل التفاصيل الثورية ودونت ما حصل سراً وعلناً, ليستقرئ الذكي الفطن ما يدله على بقية الطريق, ومعالمه القادمة, ونهايته المحتومة؟.
معارك, ومؤتمرات, وحوارات, وبرامج وحوادث, تتقدم نحونا كل يوم, أو نتقدم نحوها, نظن أن في نهايتها مقصدنا الذي ننشد, أو على الأقل استراحةٍ لمسافرٍ طال سفره, فيتزود منها, ويعينه أصحابها على السير نحو ما يعرفون خبره ونهايته, ولكن الحلقة تزداد حلزونية والدائرة تتبع الدائرة.
لقد هب أبطال سورية استجابة لصرخات أهلها, فساند الأخوة بعضهم, وشدوا عضدهم بأنفسهم, نعم استجاب أبناء الثورة لأحداثها اليومية, ووضعوا إمكانياتهم, وطاقاتهم, ودمائهم, وأموالهم, في سبيل التغلب على هذه الأحداث, والخروج من الضوائق التي ألمت بهم, وبين كل هذا, كان هناك خطأ كبير يحمل في طياته وحناياه حدي السكين, شجاعةٌ ونخوةٌ لا تقبل إلا الاستجابة لصرخات الأحداث, وانغماسٌ في أمواج الطوارئ اليومية دون أن نعرف إلى أين ستسحبنا وأين سيكون الشاطئ القادم, وفوق كل هذا تدخلاتٌ دوليةٌ بمعطف حقوق البشرية والمساعدة الإنسانية, وتحت ذلك المعطف سكاكين المصالح التي تنغمس في صدور أبناء الوطن يوماً فيوماً.
لم تصل الثورة السورية حتى هذه اللحظة إلى كيان مركزي -عسكري أو مدني- يخطط شؤونها وينصاع أبناء الثورة لترتيباته وأهدافه, ولكنهم وصلوا إلى كيانات مؤسساتية ترمي بثقلها ووزنها على أرض الاحترام بين أبناء الثورة السورية, كياناتٌ تضع أهدافها استجابة للواقع الذي تعيشه الثورة فتكون منفعلة فيها, ويصبح أعلى أهدافها أن تصل لدرجة الكفاءة والفعالية في تحقيق الهدف الذي فرضه الواقع, دون أن تجرب معظم هذه المؤسسات أن تكون فاعلة لمرة واحدة في مسار الثورة, وساعيةً نحو تحقيق أهدافها العريضة, غير عابئة بالتفاصيل اليومية ولا الأحداث الطارئة, فتتقدم كما يتقدم ماردٌ وسط زوبعة رملية لا يعبئ بما يرتطم في وجهه ويستمر سعيه نحو الهدف.
تعالوا نخصص وقتاً كافياً نضغط فيه على زر التوقف المؤقت ((pause, ونضع أهدافاً للمؤسسات التي نشاركها أو نعمل فيها, قائدُ كتيبة, أو مدير مؤسسة, أو منسق, أو مسؤول عن ملف, أو مكتبٌ متخصصٌ, أو حتى ناشطاً بشكل فردي, دعونا نعيد تشكيل رؤيتنا لنهاية الطريق, ونضع في ضوء هذه الرؤية أهدافنا التي تشكل في الإطار العام "مهمة المؤسسة|الفرد الخاصة", يضع الفرد أو المؤسسة من خلالها طريقه الخاص ويكتب نهايته بيده..وتسير المؤسسة في هذا الطريق فقط, بعيداً عن المسائل الجانبية والدروب الفرعية.
زحمة المهام اليومية التي بين يدينا والمشاكل التي تواجهنا تعقد علينا مهمة التوقف, كلها أمور طارئة تجعلنا منفعلين لا فاعلين, علينا أن نضعها جانباً لبعض الوقت -أو نهائياً- ونرسم طريقنا الذي سيشكل المهمة العامة, ضمن بقية المهام التي تودي بنا إلى "الشعب يريد إسقاط النظام", قد يتسبب الأمر أن نترك الكثير من الأمور التي بين أيدينا وقد تكون النتيجة أن نغادر العمل الذي نمارسه, وقد تكون النتيجة مكلفة من حيث التضحية, لكن ما يعزينا أنها ستكون مثمرة لأنها معروفة الهدف وكل خطوة فيها هي خطوة نحو إنجاز مهمتنا وبالتالي إصابة الهدف.