الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الثورة السورية تقلب الموازين

الثورة السورية تقلب الموازين

04.05.2015
سمير الحجاوي



الشرق القطرية
الاحد 3-5-2015
تتغير الأمور بسرعة على الأرض في سوريا، فالثوار يحققون إنجازات كبيرة من بصرى الشام ودرعا إلى إدلب وجسر الشغور والقنيطرة وفي مناطق أخرى من سوريا، وباتوا يسيطرون سيطرة شبه مطلقة على معظم الأراضي السورية، مقابل انهيار كبير لقوات نظام بشار الأسد والميليشيات العلوية والشيعية المؤيدة له، وهو انهيار ملموس دفع نظام الأسد لإرسال وزير دفاعه إلى طهران لطلب نجدة عسكرية من إيران.
لا شك أن وحشية نظام الأسد الإجرامي كبدت السوريين عددا كبيرا من القتلى وصلت حتى الآن إلى أكثر من 300 شهيد ونصف مليون جريح وعشرات آلاف المفقودين والأسرى في سجون زبانية النظام، إضافة إلى تشريد أكثر من نصف الشعب السوري، وهي كلفة مرتفعة جدا، لا شك أنها ستلقي بظلالها القاسية على سوريا لفترة طويلة من الزمن.
المعركة التي يخوضها الشعب السوري ضخمة ومتشعبة، فهي محلية وإقليمية ودولية، وهو يخوض معركته ضد نظام الأسد وإيران وروسيا معا ومعهم الميليشيات الشيعية والعلوية من لبنان والعراق وباكستان وأفغانستان واليمن، في واحدة من أقسى المنازلات التي تخوضها ثورة شعبية في التاريخ، وهي معركة سياسية ودينية وأيديولوجية في نفس الوقت.
وللأسف فإن البطولات التي قدمها الشعب السوري لم تجد دعما حقيقيا من "أصدقاء حقيقيين" لا من العرب ولا من غيرهم، فالجميع كانوا ضد الثورة السورية ووقفوا في الجهة المناوئة أو المتاجرة بالشعب السوري، وهذا ما أطال عمر الثورة هناك لتنهي سنتها الرابعة وتدخل في الخامسة دون أن تحسم أمر نظام كان ينبغي أن يسقط منذ زمن طويل، وهذا أمر تتحمل مسؤوليته قوى عربية إقليمية كانت تدعي أنها "صديقة" للشعب السوري، وهم أبعد ما يكون عن الصداقة.
ومع ذلك صمد الشعب السوري صمودا أسطوريا، ولم يرفع راية بيضاء رغم قصفة بالقنابل والصواريخ والبراميل المتفجرة والغازات السامة والكلور والأسلحة الكيماوية والقذائف المحرمة دوليا من فراغية وانشطارية وعنقودية.. صمد وحيدا إلا من إيمانه بالله ورفع شعار "يا الله ما لنا غيرك"، وإيمانه بقضيته وعدالة مطالبه وحقه بالحرية والكرامة والعدالة وتحقيق المصير واختيار من يحكمه، في مواجهة طغمة "علوية - شيعية" مدعومة بإيران الطامحة لإقامة "إمبراطورية فارسية" تكون فيها سوريا المحافظة الخامسة والثلاثين، والعراق عاصمتها كما قال القادة الإيرانيون.
من البديهي أن الحرب ليست متكافئة بين نظام مسلح بالحقد والموت وأيديولوجية دينية والأسلحة، وبين شعب لا يملك إلا القليل من المقدرات وكثير من الإيمان، ومع هذا أثبت الشعب السوري الثائر أنه صاحب الكلمة العليا، وأن القول الفصل سيكون له وسيحسم المعركة بإذن الله بهزيمة نظام الأسد الإجرامي وحلفائه ويقبر حربهم الإمبراطورية والأيديولوجية، وسيدخلهم إلى السرداب ألف عام أخرى بإذن الله.. ولعل مهاجمة الثوار لمعاقل نظام الأسد وزمرته وحلفائه في الساحل السوري يؤشر على الموازين قلبت لصالح الثوار السوريين مما يفتح الباب أم تغييرات كبيرة في المستقبل.
من المبكر القول إن المعركة ستحسم خلال أيام أو شهور، لأن نظام الأسد وإيران وحزب الله يقاتلون معركتهم "الوجودية" في سوريا، وهزيمتهم هناك تعني قبر مشروعهم الأيديولوجي التوسعي وإنهاء الحقبة الإيرانية في المنطقة، مما يعني أن ثوار سوريا سوف يخوضون معركة الربع الساعة الأخيرة والتي ستعادل في شراستها عنف وإجرام 4 سنوات من العدوان على سوريا وشعبها.