الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الثورتان السورية والعراقية: وحدة المسار والمصير؟!

الثورتان السورية والعراقية: وحدة المسار والمصير؟!

03.04.2014
د. أحمد النايف


القدس العربي
الاربعاء 2/4/2014
برزت خلال ‘ربيع الشعوب العربي’ وردود الفعل ثورتان بقيادتين وطنيتين:
ثورة الحرية في سوريا التي استقطبت الجماهير العربية بعفويتها وسلميتها وشجاعتها وجاذبيتها الشخصية وحضورها المميز.
وثورة الجوع والمساواة والحرية في العراق التي استقطبت النخبة العربية فطرحت مشروعها الوحدوي انطلاقاً من الأنبار. وبدلاً من أن تلقى كلتا الثورتين الدعم المعنوي وليس المادي من النظام العربي، لكي يتحقق الحلم وينتصر المشروع القومي في أي حد له أو شكل، تلقت هاتان الثورتان طعنات موجعة و’مسمومة’ بين أضلعها من الأقربين قبل الأبعدين.
على الطرف الآخر طرح الغرب مشروع اختراق واحتواء الثورتين من خلال وصمها ب ‘الإرهاب’، ثم في التآمر عليهما من خلال تشكيل حلفٍ إقليمي معادٍ لها لهما، وآخر وطني- محلي يتمثل بمليشيات استيطانية مناطقية هي: (الصحوة الإسناد – اللجان الشعبية- سرايا أنصار المقاومة الإسلامية – سرايا أتباع الرب) بطبعتها السورية والعراقية المحدثة. وقد أراد الغرب من منظومته الإقليمية، تطويق الثورتين السورية والعراقية والضغط عليهما من داخلهما بهذه – المليشيات، ومن أطرافه الخارجية بإيران وحلفائها.
ظل هذا التحالف المشؤوم هاجس الثورتين ومدخل التغييرات المطلوبة للسيطرة على قرارهما الوطني وضرب مشروعهما النهضوي بكل أشكاله وقياداته.
أعادت الثورتان ترتيب علاقاتها وأهدافها، أبعدت الانتهازيين، أنشأتا تحالفاً جغرافياً، يتطلع لتحرير الشعبين السوري والعراقي من القهر والخذلان. طبعاً أزعج ذلك الغرب وقواه وعناصره، فرد على الثورتين بالإيقاع ما بينها وبين بعض العرب، وما بينها وبين بعض أطرافها الإسلامية. كانت ردة فعل الغرب وفريق من العرب تقودهم إيران على الثورة. وبدلاً من أن يستقوي هذا الفريق بالثورتين فقد وجدوا أنفسهم في صراع مسلح معها. وحتى نكون أُمناء فقد أعطت بعض أخطاء الممارسة الدينية التي ترافق الثورات عادةً في عنفوانها الأول وما أثارته من مخاوف، المبرر لإشعال حرب الاتهام والتآمر على هاتين الثورتين.
أردنا من هذه المقدمة أن نؤكد على نقطتين:
الأولى: هي أن الثورة السورية والعراقية رصيد للعرب يحسن أن يتعاملوا معها بالحرص القومي الذي يفرضه صراع البقاء وأن عداءها أو استعداءها هو فعل غربي وإيراني.
الثاني: هي أن (البديل) من صداقة الثورة السورية والعراقية، يعني مصاحبة وتأييد فريق السلطة الخصم أي (الصحوة وداعش ومجالس الإسناد والرب والمليشيات الشعبية) وهذا لا يقل خطراً على مصير العرب، أنظمة وحدوداً وأوطاناً، من خطر هذا الفريق التوسعي وطنياً وإقليمياً. ولقد أدرك كثير من العرب، متأخراً، هذه الحقيقة. وربما كانت بعض القيادات الإسلامية والوطنية (المعارضة) وحدها بوعي تجربتها النضالية والجهادية وصفائها، هي التي نأت بنفسها عن ولوج اللعبة المشبوهة الأهداف والعناصر فلم تنفع معها دعوات التحريض ولا هي حولت أنظارها عن الخطر الآخر الحقيقي.
ليس أوان العتب ولا المحاسبة ولا الإدانة أو التبرئة أو كتابة التاريخ. ولكنها حقائق نستذكرها بمناسبة تجلي الحقائق أمام الجميع، ليس ضرورياً أن يتفق العرب مع الثورة السورية والعراقية في كل سياستها ليبنوا معها تلك العلاقة المطلوبة والضرورية لهم ولها. كذلك ليس ضرورياً أن تتفق الثورة مع العرب في كل سياساتهم المتناقضة ربما لتحافظ على علاقة طيبة معهم وقد تختلف معهم، غير أن ما يجمع بين الثورة السورية والعراقية والعرب يظل أكبر وأعظم وأقوى مما يفرق. فالمصير واحد، والعدو واحد، وما دامت الثورة قد اختارت لنفسها الحرية والاستقلال والإسلام فهي في موقع النقيض من مصالح بقايا من عرب يقودهم الغرب وإيران وإسرائيل، وتجد نفسها، ويجدها شرفاء العرب- بالتالي في الخندق الواحد.