الرئيسة \  تقارير  \  الجادريان :: هل تواجه أوروبا أزمة طاقة إذا ما أعلن بوتين الحرب على أوكرانيا؟

الجادريان :: هل تواجه أوروبا أزمة طاقة إذا ما أعلن بوتين الحرب على أوكرانيا؟

03.02.2022
ساسة بوست


https://www.sasapost.com/translation/energy-crisis-europe-russia/
تسبَّب تهديد روسيا بشن حرب ضد أوكرانيا في انتشار مخاوف تتعلق بحدوث أزمة طاقة بنقص صادرات الغاز إلى أوروبا، لكن هناك مصادر بديلة لإمدادات الغاز.
نشرت صحيفة “الجارديان” تقريرًا لجيليان أمبروز، مراسلة الصحيفة البريطانية في مجال الطاقة، حول تداعيات التهديد الروسي بشن حرب ضد أوكرانيا على صادرات الغاز إلى أوروبا، موضحةً أن هناك مصادر بديلة إذا ما اندلعت الحرب.
وفي مطلع تقريرها، تشير المراسلة إلى أن التوترات المتزايدة على الحدود الروسية الأوكرانية أثارت المخاوف من تفاقم خطورة أزمة إمدادات الغاز في أوروبا، وقد ارتفعت أسعار سوق الغاز بالفعل إلى مستويات قياسية، مهدِّدةً بإرهاق جيوب العائلات الأوروبية بسبب أزمة تتعلق بزيادة تكاليف المعيشة.
ولفت التقرير إلى أن روسيا أكبر مورِّد للغاز إلى أوروبا، حيث يتدفق ثلث هذا الغاز عبر خطوط أنابيب الغاز الأوكرانية إلى الدول في جميع أنحاء القارة العجوز، وقد انخفضت صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا بمقدار الربع عن المعتاد خلال العام الماضي، لكن القادة الأوروبيين يخشون الآن من أن الغزو الروسي لأوكرانيا قد يؤدي إلى كارثة طاقة إذا ما توقفت صادرات الغاز تمامًا.
وصرح مسؤولو البيت الأبيض هذا الأسبوع بأن إدارة بايدن تستعد لوضع اللمسات الأخيرة على صفقة “تضمن بموجبها أن يتسنى لأوروبا اجتياز فصلي الشتاء والربيع”، وذلك من خلال التوسُّط في صفقة مع الدول الرئيسة المُنتجِة للغاز لإرسال الغاز الطبيعي المسال (LNG) عبر ناقلات إلى أوروبا. وهي خطة لا تخلو من تحديات، بحسب التقرير.
أوروبا وأزمة طاقة طارئة
وصف مسؤولون أمريكيون عملية البحث عن شحنات غاز بديلة بأنها عملية “عالمية”. لكن المحادثات على الأرجح ستركِّز على قطر، أحد أكبر منتجي الغاز في العالم وثاني أكبر مصدِّر للغاز الطبيعي المسال بعد أستراليا. وقطر حليف قوي للغرب في الشرق الأوسط، وقد زوَّدت المملكة المتحدة ودولًا أوروبية أخرى بالغاز الطبيعي المسال لسنوات، وذلك في شحنات فائقة التبريد عبر ناقلات، وربما تكون ليبيا أيضًا قادرة على المساعدة في هذا الصدد نظرًا إلى إنتاجها القوي من الغاز وقربها من القارة الأوروبية.
ويمكن للولايات المتحدة نفسها أن تؤدي دورًا مباشرًا في تعزيز إمدادات الغاز إلى أوروبا أيضًا، وقد انطلق عددٌ قياسي من شحنات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة إلى الموانئ الأوروبية الشهر الماضي، وهناك حافز قوي وطويل الأجل لدى الولايات المتحدة لتشجيع أوروبا على التخلي عن اعتمادها على روسيا – ومشروع خط أنابيب نورد ستريم 2 – لصالح احتياطيات الغاز الصخري الأمريكي.
ما مقدار الغاز الطارئ الذي تحتاجه أوروبا؟
يوضح التقرير أن حجم تحدي إمدادات الغاز في أوروبا سيعتمد على مدى تصاعد التوترات بين روسيا وأوكرانيا، فإن روسيا ترسل ما يقدر بنحو 230 مليون متر مكعب من الغاز إلى أوروبا كل يوم، وينتقل نحو ثلث هذا المقدار غربًا عبر أوكرانيا إلى أوروبا.
لكن خبراء السوق منقسمون حول فكرة هل من المرجَّح أن تعطِّل روسيا جميع صادرات الغاز إلى أوروبا، أم تعطِّل تلك الصادرات التي تعتمد على أنابيب الغاز الأوكرانية فحسب. ويشكك آخرون في إمكانية أن يُوقِف الكرملين صنابير الغاز الروسية بالكامل.
تقول هيليما كروفت، الرئيس العالمي للسلع في بنك “آر بي سي كابيتال ماركتس” الاستثماري العالمي إنه: “إذا استخدمت روسيا صادراتها من الطاقة سلاحًا في وجه أوروبا، فما مقدار الطاقة الذي يمكن أن تعطِّله؟ إنه من الصعب التخطيط لمثل هذا السيناريو”، وأضافت: لكن السؤال لا يتعلق بمدى قدرة الولايات المتحدة على توفير بديل لإمدادات الغاز الروسية، ولكن السؤال يتعلق بمدى قدرتها على تحديد مصدر للغاز من شأنه أن يساعد في التخفيف من حدة أي اضطراب يمكن أن يحدث في إمدادات الغاز.
هل يوجد غاز احتياطي كافٍ لسد أي فجوة في الإمدادات؟
يفيد التقرير بأن أزمة إمدادات الغاز العالمية التي ظهرت مع بدء انتعاش الاقتصادات في أعقاب الركود الذي سببته جائحة كوفيد-19 تعني أن هناك قليلًا من الغاز الاحتياطي، وفقًا لما أدلى به المحلل شي نان من شركة “ريستاد إنيرجي”.
وقالت الولايات المتحدة إنها تجري محادثات “واسعة النطاق في واقع الأمر مع كثير من الشركات والبلدان في جميع أنحاء العالم” بحيث لا تحتاج إلى أن “تطلب من أي شركة أو دولة بمفردها أن تزيد من الصادرات بكميات كبيرة، ولكن ستكون الزيادة بكميات أصغر من مصادر متعددة”.
تقول هيليما كروفت: “والسؤال الآن: هل يمكن أن تجد الولايات المتحدة أي تراخٍ في النظام أم لا”، تُنتج قطر حاليًا 77 مليون طن سنويًّا من الغاز الطبيعي المسال، لكنها تعاقدت على توفير نحو 97 مليون طن سنويًّا لمُشترين من آسيا وأوروبا والكويت وشركات طاقة كبرى بإمكانها تحديد الوجهة التي يمكن أن ترسل إليها أي شحنة من شحناتها، كما خصصت الولايات المتحدة 80 مليون طن من إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال لمُشترين من آسيا وأوروبا وما يُسمَّى “لاعبو المحفظة”.
لكن هيليما كروفت قالت إنه من المحتمل أن يجري تحويل بعض الشحنات المُتعاقَد عليها المخصصة لآسيا إلى أوروبا بفضل درجات الحرارة المعتدلة في الشتاء في آسيا، مما أدَّى إلى انخفاض الطلب على الغاز. وأضافت أن الأمر سيستغرق مناقشات “دقيقة” بين منتجي الغاز الرئيسين والمشترين من آسيا للتفاوض بشأن التحلِّي ببعض المرونة في إمدادات الغاز.
أزمات شبيهة
هناك أمثلة كثيرة على تدابير التوريد الطارئة في سوق النفط العالمية، ولكنها ليست متعلقة بالغاز، فخلال الحرب الأهلية الليبية، وافقت المملكة العربية السعودية على زيادة صادراتها من النفط إلى السوق العالمية لتعويض النقص في الخام الليبي الذي دفع أسعار النفط إلى 120 دولارًا للبرميل. ومؤخرًا، توسَّطت المملكة العربية السعودية في صفقة مع أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” وحلفائها لإجراء تقليل غير مسبوق في مستويات إنتاج النفط خلال جائحة كوفيد-19 لكيلا تنهار أسعار النفط إلى الصفر.
إن سوق الغاز يفتقر إلى تعاون عالمي من هذا القبيل، مما جعل الاستجابة لأزمة إمدادات الغاز العالمية أكثر صعوبة. تقول هيليما كروفت إن: “ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يرى نفسه البنك المركزي للنفط، ولا يوجد مَنْ يكافئه في سوق الغاز. وحتى لو أرادت قطر المساعدة، فهم لا يملكون احتياطيات غاز كالتي يمتلكها السعوديون من احتياطيات النفط”. هكذا نستنتج أن الأوقات غير المسبوقة ربما تتطلب اتخاذ إجراءات غير مسبوقة، بحسب ما تختم المراسلة تقريرها.