الرئيسة \  تقارير  \  “الجارديان”: بعد حرب أوكرانيا.. كيف سيجد العالم بديلًا للمنتجات النفطية الروسية؟

“الجارديان”: بعد حرب أوكرانيا.. كيف سيجد العالم بديلًا للمنتجات النفطية الروسية؟

24.03.2022
ساسة بوست


ساسة بوست
الاربعاء 23/3/2022
نشرت صحيفة الجارديان مقالًا لروب ديفيز، مراسل الصحيفة البريطانية، والذي يغطي شؤون الأعمال، حول الأزمة التي يواجهها العالم في محاولة الاستغناء عن إمدادات النفط والطاقة الروسية؛ حيث تعد البدائل المتاحة محدودة، وتحتاج إلى كثير من الوقت والاستثمارات، كما تعرقلها الالتزامات لدى “الدول المُنتجة للنفط (أوبك بلس)”.
ويستهل الكاتب تقريره بالقول: عندما طار بوريس جونسون إلى الخليج هذا الأسبوع لطلب مزيدٍ من النفط لتحل محل الإمدادات القادمة من روسيا اتَّهمه زعيم حزب العمال كير ستارمر “بالانتقال من ديكتاتور إلى ديكتاتور بغرض التسول”. وفي الوقت نفسه أكَّد تقرير صادر عن وكالة الطاقة الدولية مدى محدودية الخيارات المتاحة لأي اقتصاد يسعى لأن يحل محل الخام الروسي ومنتجات النفط الروسية الأخرى.
ويقول التقرير إنه من المتوقَّع أن يصل الطلب العالمي على النفط إلى ما يقرب من 100 مليون برميل يوميًّا هذا العام، وهو أقل مما كان متوقعًا في السابق بسبب صدمة النمو العالمي الناجمة عن الحرب في أوكرانيا. وتنتج روسيا نحو 10 ملايين برميل يوميًّا، وتصدِّر نحو نصف ذلك، بالإضافة إلى نحو 3 ملايين برميل يوميًّا من المنتجات النفطية. ومع ذلك من غير الواضح كم من هذه الإمدادات قد يكون على المحك الآن.
وتعتقد وكالة الطاقة الدولية أنه من المرجَّح أن تفقد روسيا ما لا يقل عن 1.5 مليون برميل يوميًّا من النفط، ومليون برميل يوميًّا من المنتجات النفطية، وذلك خلال المدة من أبريل (نيسان) حتى نهاية العام على الأقل، حيث يرفض المشترون الإمدادات طواعية، أو يفعلون ذلك لتجنب انتهاك العقوبات. ويقول التقرير: “يمكن أن تتفاقم هذه الخسائر إذا تسارع الحظر أو الانتقاد الشعبي”.
تقول صوفي أودوباشينو، خبيرة النفط الخام العالمي في شركة “آي سي آي إس” لمحللي سوق الطاقة: “في الواقع لا يمكن لدولة واحدة سد الثغرة التي ستتركها روسيا في السوق في حالة فرض حظر عالمي”. إذًا من أين يمكن أن يحاول العالم الحصول على ما يصل إلى نحو 5 ملايين برميل إضافي من النفط يوميًّا؟
وفي ضوء ذلك يرى الكاتب أنه ليس من المستغرب أن تكون منطقة الخليج هي المحطة الأولى في جولة رئيس وزراء المملكة المتحدة. إن السعودية، التي تحتفظ بمليوني برميل باعتبارهما طاقة إنتاج احتياطية في اليوم، والإمارات العربية المتحدة، التي تحتفظ بـ1.1 مليون برميل في اليوم، هما المنتجان الرئيسان الوحيدان للنفط اللذان يمتلكان طاقة احتياطية فورية لتعويض النقص الروسي، لكن كما لاحظت وكالة الطاقة الدولية، حتى الآن “لا تظهر الدولتان أي استعداد للاستفادة من تلك الاحتياطيات”.
ويضيف الكاتب أن منظمة “أوبك بلس” للدول المنتجة للنفط ستجتمع مرةً أخرى في 31 مارس (آذار) لاتخاذ قرار بشأن مستويات الإنتاج. واتفق أعضاء “أوبك” على زيادة الإنتاج بمقدار متواضع لا يتجاوز 400 ألف برميل يوميَّا في وقت سابق من الشهر الجاري، على الرغم من المعرفة الكاملة بالوضع في أوكرانيا.
يقول أولي هانسن المحلل في ساكسو بنك: إن زيادة الطاقة السعودية/الإماراتية بما في ذلك طاقتهما الاحتياطية “من المحتمل أن تؤدي إلى زوال تعاون (أوبك بلس)”؛ مما قد يشير إلى أن مثل هذه الخطوة غير مرجَّحة.
ويشير هانسن أيضًا إلى أنه لن يُقدِم أي منتج للنفط على زيادة طاقته الاحتياطية إلى الحد الأقصى، حيث يُعد الحفاظ عليها عامل استقرار مهم للأسعار، ونوعًا من الحماية في حالة حدوث اضطراب غير متوقَّع.
يلفت الكاتب إلى أن وكالة الطاقة الدولية تقدِّر أن لدى إيران طاقة احتياطية تقدر بنحو 1.2 مليون برميل يوميًّا من الناحية النظرية، لكن هناك بعض المحاذير الجادة. الأول هو الحاجة إلى رفع العقوبات من خلال قرار في المحادثات بين طهران والاقتصادات الغربية بشأن إحياء اتفاق 2015 الخاص بالطموحات النووية الإيرانية.
حتى مع ذلك تقول وكالة الطاقة الدولية إنه من المرجَّح أن يستغرق الأمر ستة أشهر أخرى على الأقل قبل وضع المليون برميل في اليوم من إيران في الحسبان. إن إيران تمتلك 100 مليون برميل في مخازن عائمة يمكن الوصول إليها بسرعة، لكن الأمر سيستغرق شهورًا لتغذية سلسلة التوريد العالمية بها.
وعلى غرار إيران لم تزل فنزويلا خاضعة للعقوبات الأمريكية التي يجب رفعها إذا كان عليها أن تُزيد من إنتاجها. إن العودة إلى مستويات إنتاج 2015 قد تعني 1.8 مليون برميل إضافية كل يوم في نهاية المطاف، لكن ذلك سيمضي تدريجيًّا بالتأكيد.
يقول هانسن: “إن التأثير الأوَّلي لبضع مئات الآلاف من البراميل مع استمرار التعافي من المرجَّح أن يستغرق سنوات، ويحتاج إلى مليارات الدولارات من الاستثمارات الجديدة”.
تقول صوفي، التي ترى أن هناك فرصة ضئيلة لتسريع هذا الاتجاه: “كانت صادرات الولايات المتحدة ترتفع طوال معظم عام 2021، وبلغت ذروتها في ديسمبر (كانون الأول) عند 3.45 مليون برميل يوميًّا، عندما لا تكون عرضة للتهديد من الأعاصير، أو انقطاع التيار الكهربائي”.
ويوافقها هانسن على ذلك قائلًا إنه يمكن إضافة نصف مليون برميل إضافية يوميًّا إذا عاد إنتاج النفط الصخري الأمريكي إلى ذروته كما كان في عام 2019، لكن هذا سيُعيقه النقص المستمر في الرمال، وسائقي الشاحنات، وأطقم التكسير، والحفارات. كذلك لن يكون الارتفاع سريعًا. وتقدر شركة ريستاد إنيرجي، وهي شركة بحثية، أن متوسط ​​الوقت يصل إلى ثمانية أشهر من بدء العمل في حفر بئر جديد حتى يتدفق النفط إلى السوق.
يقول هانسن إن نيجيريا لم تزل أقل بمقدار 400 ألف برميل في اليوم عن ذروة إنتاجها في 2019. إن استعادة هذا المستوى تتطلب استثمارات من شركات النفط الكبرى واستقرار سياسي أكبر. وتستشهد وكالة الطاقة الدولية أيضًا بكندا والأرجنتين باعتبارهما مُسْهِمَيْن محتملَيْن من خلال مواردهما الخاصة من الصخر الزيتي على غرار الولايات المتحدة، لكن ذلك ليس من شأنه أن يُحدِث تأثيرًا ملحوظًا. ولا تذكر الشركة حتى بحر الشمال في تقييمها لمصادر الإمداد البديلة، بحسب ما يختتم الكاتب مقاله.