الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الجربا في واشنطن أو.. "مَغْسَلَة الكلام" الأميركية!

الجربا في واشنطن أو.. "مَغْسَلَة الكلام" الأميركية!

08.05.2014
محمد خروب


الرأي الاردنية
الاربعاء 7/5/2014
على وقع الضربات القاصمة التي تلقتها مجموعات المسلحين والارهابيين الذين عاثوا فساداً وقتلاً ودماراً في سوريا, والصفعات المدوية التي انهالت على عواصم اقليمية وغير اقليمية، ابدت سخاء وكرماً واندفاعاً (اقرأ حماقة) في دعم مشروع تقسيم سوريا واعادة رسم خريطة المنطقة ظناً منها، انها ستكون في منأى عن التغيير والسقوط في النهاية.. وصل احمد الجربا الذي خلعوا عليه لقب رئيس ائتلاف قوى "المعارضة والثورة" بما هو تشكيل هلامي لا يعرف معنى المعارضة الوطنية, ولا يُتقن حتى مصطلحات الثورة ومفرداتها التي هي اكبر بكثير من شخصية باهتة ومغمورة ومشبوهة جيء بها الى مقدمة المشهد فقط, لأنه مطواع ومكشوف ومحروق لا يستطيع قول لا, أما "النَعَمْ" التي لا ينفكّ يرددها فهي نتاج "النِعَمْ" التي تنهال عليه، على شكل أعطيات وتذاكر سفر وفنادق ومراسم باذخة, يضحك منظموها في دواخلهم لأنهم يدركون، انهم انما يبالغون في "تكريم" دمية، لاقرار لها ولا مسؤولية تتحملها..
على وقع هذه المتغيرات "الانقلابية" الحاصلة على الساحة السورية خصوصاً وما يحيط بها من تغييرات وسقوط أوهام وخزعبلات وبروز تيارات "واقعية" داخل معسكر النفاق والزيف المسمّى اصدقاء سوريا، وصل "الشيخ" احمد الجربا الى واشنطن، التي كانت تُحَضّر لمفاجأة سخيفة لا تساوي الضجيج الذي رافق اصدار "التصريح" الذي سرّبه مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية فاحت منه رائحة النفاق "ومساحيق" مَغْسَلَةِ الكلام الاميركية المعروفة, التي لا تغير من الحقائق الميدانية او موازين القوى على الارض.. شيئاً, حتى لو صيغت بعبارات مُنتقاة وحفلت بالتناقضات من قبيل "رفع" مستوى تمثيل المعارضة السورية في اميركا, من مكتب تمثيل "عادي" الى بعثة "أجنبية" في العاصمة واشنطن, مستدركاً (حتى يحفظ خط الرجعة لأكبر امبراطورية شر في التاريخ) ان هذه الخطوة, لا تعني الاعتراف بالائتلاف كممثل شرعي "وحيد" للشعب السوري أو بمثابة "حكومة في المنفى"..
هي اذاً مجرد "طقوس" دبلوماسية قد يحظى بموجبها بعض "وجوه" وشخصيات الائتلاف الذي لا يمثل الا نفسه ولا اهمية لقراراته او شخصيته الكرتونية, او تلك التي تم اختراعها ودفعها الى مقدمة المشهد ببعض مظاهر الحفاوة أو شيئاً من "الحصانة", وكان لافتاً ان "يهرع" الجربا الى واشنطن, مباشرة بعد ان تأكد ان عاصمة "الثورة" حمص, قد عادت الى كنف الدولة السورية, وان "المجموعات" التي اختبأت في حمص القديمة, قد رفعت الرايات البيض ولم تنفع كل حملات الدعاية والتهريج والتهييج, وانضمام جوقة السفراء ووزراء الخارجية ومَنْ وُصِفوا بأنهم ممثلو منظمات اغاثة انسانية وحقوق انسان, ناهيك عن بان كي مون (وما ادراك ما هذا "غصن البان".. هذا) في فتح ولو "كوة" في جدار الحصار المُحْكَم, الذي ضُرِب حول المدينة التي دمرها الثوار وفتكوا بأهلها وسفكوا دماءهم ونهبوا ممتلكاتهم, لن تغير "الدعسة" الاميركية (الناقصة عن قصد) شيئاً من المشهد السوري, ولن تدفع الى إعادة النظر في خريطة التحالفات والمعادلات الجديدة, التي اخذت تطرأ على المناخات والاجواء الاقليمية بأبعادها الدولية, بعد أن لم تعد هناك أي شكوك بأن "الثورة" المفبركة التي اخترعتها دول عربية واجهزة استخبارية اقليمية ودولية, قد باتت الان أمام ساعة الحقيقة, وأن آخر هموم "ثوارها الميامين" تحقيق الشعارات النبيلة والمطالب المُحقة التي طرحها السوريون في مسيراتهم ومظاهراتهم السلمية, منادين بالحرية والديمقراطية واحترام حقوق الانسان ومحاربة الفساد وتكافؤ الفرص، وتكريس مبادئ المحاسبة والمساءلة, على نحو لا يستطيع النظام القائم (نحسب انه لم يعد النظام الذي كان في بداية الاحداث بعد كل ما جرى), تجاهلها أو إبعادها عن جدول الاعمال الوطني لسوريا الجديدة, التي تستعد لولوج المرحلة الاخطر في تاريخها, وهي اعادة الإعمار وهزيمة الارهاب وتكريس الدولة القوية العادلة, بعيداً عن كل الممارسات المرفوضة والمدانة التي كانت تُمارس بهذه الكيفية او تلك في الماضي.
- ما الذي قد يعود به الجربا من واشنطن؟
- اسألوا جدّنا "حُنَيْن".. صاحب الخُفّين.
kharroub@jpf.com.jo