الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الجزية على المسيحي والقتل للمسلم .. !

الجزية على المسيحي والقتل للمسلم .. !

06.03.2014
سميح المعايطة


الرأي الاردنية
الاربعاء 5/3/2014
حين يخرج أحد رموز تيار التشدد الموقوفين في الأردن ليصف حركة داعش بالتشدد فهذا مؤشر مهم على أن التطرف ليس له حدود لأنه خاضع للمزاج والتفسير الخاص للنصوص فالمدخل للتطرف والخروج عن المسار الحقيقي للشريعة أن تتحول النصوص الشرعية إلى إطار مطاطي يحاول كل شخص أن يستخدمه لإدارة مصالحه ولهذا عندما كان الرسول الكريم يصف هذا الصنف كان يقول للصحابة أنهم سيجدونهم أكثر منهم صلاةً وصياماً لكن مشكلتهم فكرية وفي تعاملهم مع النص الشرعي دون معايير.
والخط الذي يقع عليه التشدد مثل خط الأعداد في الرياضيات ليس له نهاية يميناً ويساراً ولهذا نجد اليوم بعض هذا التيار المتشدد يتهم البعض الآخر بالتطرف.
وإذا عدنا إلى إحدى قضايا الخلاف التي ظهرت في الإعلام بين أطراف التيار في سورية وهي فرض الجزية على المسيحيين في القرى التي تحت سيطرة داعش فإننا نجد قضية تعبر عن قصور في الفهم فالجزية ليست أداة لإلحاق الأذى والإهانة بأتباع سيدنا عيسى عليه السلام لكنها جزء من نظام ضريبي يدفع فيه المسلم الزكاة والمسيحي الجزية والأهم أنها تتم بعد أن تؤدي الدولة دورها وواجبها تجاه المواطنين مسلمين ومسيحيين وهي جزء من علاقة كريمة وليست عقوبة أو شرطاً جزائياً لأنه إختار أن يبقى على دينه فلا إكراه في الدين.
وكيف تكون الضريبة على مواطن أياً كان دينه تحت حكم ميليشيا ودون قانون أو شريعة أو حقوق للمواطن وكيف يدفع المسلم أو المسيحي أي مال لأي جهة وهي تحكم بشرعية البندقية.
والمشكلة أن هذا التطرف ليس مسلطاً على المسيحي دون المسلمين فقطع الرؤوس يتم على الجميع والقتل يتم للمسلم باعتباره كافراً وحتى رفاقهم في التشدد في النصرة فإنهم اليوم يموتون بقنابل ودراجات وسيارات مفخخة من إعداد وتنفيذ داعش فالتطرف ليس فكراً بل انحراف في الفكر وفهم خاص للنصوص الشرعية.
والتطرف اليوم حجة لدى البعض لاستهداف خصوم المصالح وإﻻ لما شاهدنا منذ سنوات رموزاً للتشدد يتراجعون ويتحولون إلى خصوم للفكر المتطرف وحتى محاوﻻت المصالحة التي تحاول قيادة القاعدة القيام بها بين جماعتها وداعش فقد فشلت لأن المصالح اختلفت ولهذا يكفر كل منهم  الآخر.
التطرف مشكلة في العقل سواء كان تطرفاً دينياً أو اجتماعياً أو سياسياً والمتطرف شخص أو جهة تغطي جهلها أو عجز قدراتها بالفتوى أو الغطاء الإلهي مع أنه ليس أكثر من تفسير خاص ومصلحي للنص.
والمفارقة أن التشدد من أكثر الحاﻻت التي يمكن استغفالها واستخدامها من الأذكياء الأقوياء وأي متابع يستطيع أن يقرأ علاقات قوى التشدد سيجدها متناقضة مع أمريكا تارة ومرة مع إيران وأخرى مع دول عديدة وليس بالضرورة أن تكون علاقات تحالف بل غالباً ما تكون علاقة استخدام وحديثاً أصبحنا نجد التشدد جزءاً من شبكات البزنس ولهذا نجد معادلة قوى التشدد في سوريا غير مفهومة من البعض وهم يقاتلون بعضهم ويوجهون أصابع التكفير لبعضهم البعض وهم في العراق ضد الحكومة الموالية لطهران وفي سوريا يقدمون الخدمات الأهم للنظام الموالي لإيران وبعض التنظيمات مثل كتائب عبدالله عزام تدربت في إيران وهي اليوم تفجر في مناطق حزب الله.
حتى لو اختفت القاعدة وأخواتها اليوم  فإن التطرف حالة مستمرة ما دام هناك جهل وتعصب وضعف في المنطق وسيادة للصوت المرتفع الذي ﻻ يجد له سنداً من المنطق فيلجأ للتشدد ويذهب للحد الأقصى من التطرف ليعطي شرعية لصوته المرتفع القائم على ضعف المنطق والعلم، ولكل دين أو بنية اجتماعية حقها من المتطرفين.
لو كان الإسلام هو الجزية لأتباع عيسى عليه السلام لكان سهلاً لكن اﻻسلام لم يتحدث للمسلمين عن الصلاة إﻻ في ليلة الإسراء ولم يضع العقوبات على المسلمين إﻻ تدرجاً لكن من يقطع رأس المسلم لأنه يعمل في صالون حلاقة ويحلق اللحية لن يرى الدين إﻻ في فكرة الجزية وما أظن تبني هذا الأمر إﻻ نوعاً من الاستخدام لهذا الجزء من التشدد تماماً مثلما تم استخدامه من الأذكياء الأقوياء في عالمنا.