الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الجنوب السوري وأمن حدودنا

الجنوب السوري وأمن حدودنا

03.07.2017
د. مهند مبيضين


الدستور
الاحد 2/7/2017
ربما تطرح مرحلة ما بعد داعش الكثير من الأسئلة في العراق، لكنها في حالة الصراع السوري تطرح أسئلة مصيرية، عن طبيعة المواجهات المقبلة إذا ما اتجه الهاربون منهم عبر البادية السورية إلى الجنوب، مما يضيف تحدياً علينا إلى جانب تحدي انتشار الحرس الثوري الإيراني الذي أُعلن أنه يبعد عن الحدود الأردنية مسافة (70) كيلومترا، وهي مسافة حسب الخبراء غير بعيدة، وهي مقلقة.
ماذا يعني هذا البعد لدولة مثل الأردن وكانت تصنف الوجود الإيراني في المنطقة خطراً على هويتها؟ وماذا لو أحل الحرس الثوري وله مؤسسات قوية مالية واجتماعية الجنوب الحدودي السوري مع الأردن إلى حالة ديموغرافية جديدة؟ بمعنى اسكان شيعة في القرى الحدودية الممتدة بين الأردن وسوريا؟
التغيير الديموغرافي كانت ايران جربته منذ سنوات، حين شجعت على هجرة الشيعة لقرى ومدن سورية لدعم النظام السوري حدث ذلك سابقاً في منطقة جرمانا والعمارة ورقية والسيدة زينب جنوب دمشق، بحيث اصبحت شيعية الهوية والثقافة، ولوحظ ذلك حتى على منظومة التسميات في المحلات التجارية وفي اسماء الأطفال حديثي الولادة، مع ما رافق ذلك أيضا من الاستيلاء على الأراضي الزراعية وأراضي أملاك الدولة في جميع المناطق الجنوبية لحساب أطراف متنفّذة أيضا من نفس الطائفة.
  وهذا الأمر قد يتكرر ويحدث في ظل القوة الغالبة للحرس الثوري في القرى القريبة من محيط درعا البلد وجنوبها، وهو ما يعني خلق وجود شيعي مماثل للجنوب اللبناني مع الحدود الإسرائيلية، على حدودنا الاردنية السورية، وهو أمر قد لا تقبل به اسرائيل ولا ترتضيه.
لكن في حال اسفرت الصفقة التي هي على وشك الانتهاء بحيث أن سوريا المفيدة التي يريدها بشار الأسد، هي النهاية للأزمة، فلن تطالب سوريا اسرائيل بالجولان، وقد تقايض على عدم المطالبه به، باقرار اسرائيل وجود مناطق جنوبية شيعية الهوية، والتي ستدبر أمنها وادارتها بطريقتها الخاصة مع إيران وبصفقة سرية.
رؤية النظام السوري للجنوب هي المقلقة بالنسبة إلينا، فهو لا يقع ضمن مشروع سوريا المفيدة، الذي يحاكي مشروعاً فرنسياً قديماً زمن الانتداب، حيث طبقته فرنسا وقسمت سوريا إلى دويلات باعتبار انها منطقة غير متسقة في هويتها فاوجدت دولة الدروز ودولة العلويين ودولة حلب ودمشق، ولاحقاً اتحدت دمشق وحلب1924، واستقلت دولة العلويين، وظلت حتى قامت الثورة السورية بقيادة الشيخ سلطان الأطراش في تموز1925م والتي وحّدت سوريا، وظلت حتى 2011م.
خطورة سوريا المفيدة التي يراها بشار الأسد، أنها لا تهتم بالجنوب، وربما تسعى لخلق ثقوب سوداء مع جيرانها، في الجنوب والجنوب الغربي، أي الأردن ودولة الاحتلال الصهيوني، فوفقاً لتصور النظام مع مؤيدين روس وايرانيين تمتدّ "سوريا المفيدة"، التي يريد النظام إنشاءها، من الزبداني على الحدود اللبنانية، مروراً بالعاصمة دمشق، ومحافظة حمص بجزئها الواقع غربيّ نهر العاصي، ومدن الساحل السوريّ طرطوس واللاذقية، وصولاً إلى مدينة كسب على الحدود التركية.
هذا معناه خلق حالة سياسية ما جنوب دمشق، على الأرجح أنها ستكون مثل الضاحية الجنوبية في بيروت، ستكون منقطة يتحكم بها الحرس الثوري، وهو ما يضمن بدعاً جيوسياسياً للجنوب اللبناني أيضاً وبخاصة التحكم بطرق التجارة ومنافذ التهريب، فهل ستنتهي الصفقة السورية على هذا الأساس؟
للأسف مع زيادة القصف الروسي، وتكثيفه على مناطق المعارضة والجيش الحر، فإن الروس بعد أن ثبتوا اقدامهم في الساحل وضمنوا وجودهم، فإنهم يمنحون النظام أوراق قوية لكي يفاوض بشروطه، وبحسب رؤيته لمستقبل سوريا.
فالنظام لا يرى كثير خيرات ومصالح في الجنوب، بقدر ما يراها مناطق ريفية فلاحية مثقلة بالفقر والفوضى، وهي بمثابة ثقوب سوداء، ومصدر قلق مستمر ولن ينسى أنها كانت موطن شرارة الاحتجاجات التي تحولت إلى ثورة ثم إلى حرب. هنا سيرغب النظام بالتخلي عنها لأي قوة تدير شؤونها، وربما تكون أدوات إيرانية للأسف، ما يعني تحديا كبيرا للأردن المحذر دوماً من التمدد الإيراني.