الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الجنود السوريون قرابين لبقاء الأسد

الجنود السوريون قرابين لبقاء الأسد

31.08.2014
باتر محمد علي وردم



الدستور
السبت 30-8-2014
من حقائق الحرب الأهلية في سوريا أن أكبر نسبة من الضحايا هي في قوات النظام السوري وتبلغ حوالي 70 ألف قتيل من اصل 190 ألف سقطوا في الجحيم المفتوح على مصراعيه منذ 3 سنوات. معظم هؤلاء الجنود سقطوا في مواجهات مباشرة مع الثوار السوريين خاصة مع الجيش الحر وجبهة النصرة وعدد قليل جدا سقط في مواجهات نادرة مع داعش إلى ما قبل الشهر الماضي. في السنة الماضية تقريبا كان هنالك تفاهم غير مكتوب ظهر واضحا في كثير من المناطق بتجنب المواجهة بين الجيش السوري النظامي وداعش، وكان كلٌ من الطرفين يركز جهوده في القضاء على تواجد الجيش الحر والتنظيمات الثورية الأخرى وخاصة التي لا تحمل التوجهات الدينية المتطرفة.
حالة مثالية على ذلك كانت في منطقة الرقة التي شهدت مواجهات ضارية بين الجيش النظامي والجيش الحر لفترة طويلة كانت فيها اليد العليا للجيش الحر قبل أن تتدخل داعش لتزيل تواجد الجيش الحر في الرقة ثم تبدأ هجوما مرعبا على الفرقة 41 من الجيش السوري وتقتل أفرادها وتمثل بجثثهم في مشهد مقزز في ساحات الرقة. سقوط كتائب كاملة من الجيش السوري أمام تقدم داعش تكرر في الشهر الماضي، ووصل عدد الجنود السوريين الذين تم قتلهم وإعدامهم بوحشية من قبل داعش إلى أكثر من ألف جندي في ايام قليلة.
هذا التراجع الرهيب جعل مجموعات من المجتمع السوري المؤيدة للنظام تخرج في مظاهرات شموع تخليدا لضحايا الجيش دون رفع صور بشار الأسد للمرة الأولى منذ بداية المعركة. أهالي ضحايا الجيش السوري وجهوا اتهامات قاسية لوزير الدفاع السوري بأنه المسؤول عن هذا السقوط الرهيب وغير المتوقع من خلال عدم تقديم اي نوع من الإمدادات للجيش المحاصر. إذا كانت طائرات الجيش السوري قادرة على دك المدن السورية بالبراميل المتفجرة وتدمير المباني السكنية في حلب وحمص وغيرها لماذا تعجز عن نجدة جنودها المحاصرين من قبل داعش؟
يدرك النظام السوري أنه الآن أمام الفرصة الذهبية التي لم تظهر أبدا في السنوات الماضية. فرصة النظام بالبقاء متحكما بمصير السوريين ترتبط بأن يتمكن من بيع بضاعته الجديدة كنصير للغرب في مواجهة داعش. صحيح أن البيت الأبيض وأوروبا لم تشتر هذه البضاعة حتى الآن ولكن في نهاية الأمر قد لا يكون هنالك بديل عن النظام السوري في تنفيذ مهمة القضاء على داعش سواء في سوريا أو العراق. لا يمكن ببساطة تنفيذ اية مواجهة عسكرية ضد داعش دون تنسيق على الأقل مع الأنظمة التي تسيطر على نصف العراق وسوريا الذي لا يقع تحت سيطرة داعش. التنسيق يعني الاعتراف بالوجود ويعني بقاء الأسد.
في مقابل شجاعة يجب الاعتراف بها للجنود السوريين في البقاء والقتال حتى اللحظة الأخيرة في مواجهة وحوش على شكل بشر من المؤكد أن الوقوع في ايديهم يعني الموت البشع، فإن تقاعس وجبن النظام السوري في تقديم المساندة لجنوده لا يمكن تصنيفه إلا تحت باب الانتهازية السياسية. كلما زادت مشاهد قتل داعش للجنود السوريين (ويفضل اسرى أميركيين أيضا) كلما زاد الغضب الدولي والخوف من انتشار داعش وبالتالي فتح “صفحة جديدة” في التعاون مع بشار.
لا نملك إلا الشعور بألم أمهات وزوجات وعائلات الجنود السوريين القتلى تماما كما نشعر بآلام ضحايا النظام من المدنيين والثوار الحقيقيين الساعين للحرية والديمقراطية والكرامة، فهم جميعا ضحايا الوقوع بين مطرقة النظام الدكتاتوري وسندان وحشية داعش في زمن باتت فيه حياة الإنسان أدنى قيمة من رصاصة واحدة.