الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "الجهاديون" في سوريا لم يتعلموا شيئاً

"الجهاديون" في سوريا لم يتعلموا شيئاً

04.08.2013
المستقبل

المستقبل
الاحد 4/8/2013
الفرنسي جان بيار فيلو متخصص بالعالم العربي الاسلامي، واستاذ علوم سياسية.أصدر هذا العام كتاباً أصدر"الشرق الاوسط الجديد"، وقبله رواية مصوّرة عنوانها "الربيع العربي". مجلة "نوفل ابزفاتور" أجرت معه حواراً (25 تموز 2013) حول المواجهات الحاصلة بين المعارضتين السوريتين، الجهادية والمدنية. هنا نص الحوار:
[كيف تفسر المواجهات الجارية الآن بين أطراف التمرد السوري؟
ـ انا عائد لتوّي من حلب، من ذلك الجزء المحرّر من المدينة حيث يعيش مليونا مواطن سوري. لم أكن اثناء إقامتي هناك شاهداً على أي واحدة من المعارك بين الميليشيات. مع ان الشمال السوري يضج بالشائعات والروايات عن المواجهات المتزايدة عنفاً بين "الجيش السوري الحرّ" والمجموعات الجهادية. هذه المجموعات الأخيرة منقسمة الى كيانين: "جبهة النصرة" و"الدولة الاسلامية في العراق والبلاد الشام". الكيان الاول، "النصرة" كان قد رفض الاندماج بتنظيم "القاعدة"، فحصل انشقاق ولدت منه "الدولة...". الواقع ان الإشتباكات حصلت بين مقاتلي "الجيش الحرّ" ومقاتلي "الدولة...". وعادة تندلع هذه الاشتباكات بعد تظاهرات إحتجاجية، بل أحيانا تمردات، من الأهالي ضد الشراسة البالغة للجهاديين، الذين هم من الHغراب، وهم يتمادون عادة في عنفهم ضد الأهالي. حصلت إنتفاضة من هذا القبيل في دانا، غرب حلب. وعندما تدخل "الجيش الحر" لحماية الأهالي، قتل من قادته وقُطعت رؤوسهم. و"الدولة..."، الثابتة على نهج زرع الرعب، لم تتعلم شيئاً من إدارتها الكارثية للمحافظات العراقية الغربية، وهي مستمرة بالتصرف وكأنها كيان خارجي ذو تطلعات توتاليتارية، تفرض تفسيرها الخاص للإسلام على مواطنين، يمكن ان تصفهم بأي شيء غير انهم "غير مسلمين".
[ما هي آثار هذه الإنقسامات على القدرات العسكرية للمتمردين على النظام؟
ـ على الأرض، ما زال "الجيش الحر" هو المرجع المهيمن وإن كانت راياته ترفرف جنباً الى جنب مع رايات "الكتائب"، وهي مجموعات عسكرية صغيرة، ذات حساسيات وممارسات متنوعة، وتتشكل من الثوار الأكثر تصميماً والعصابات التي لم تفعل سوى الإنضمام الى الثورة. ذلك انه بالنسبة لسكان شمال سوريا، فان معسكر الثورة هو حتماً المعسكر المنتصر. فالسكان هناك، على الرغم من الخسائر الهائلة التي مني بهم حجرهم وبشرهم، استقروا منذ سنة على الثورة، وهم ينظمون حياتهم اليومية على هذا الأساس. ومنطقة الشمال هذه، بسبب قربها من الحدود التركية، هي على أفضل حال من المناطق التي تسيطر عليها القوات النظامية. وقد اخترعت لنفسها مؤسسات جديدة. وعلى الرغم من اجتياح قوات النظام للقصير، ومن رميها للقنابل على مدينة حمص، فأنا لا أعتقد بأن هذه الصراعات الداخلية بين المتمردين سوف تضعف "الجيش الحرّ" أو رجال حرب العصابات. ذلك ان "الدولة..."، التي لا تفرق بين جيش بشار وبين الثائرين عليه الذين لا ينفذون تعليماتها، هي في الواقع مجرّد حجرة على الجبهة الثورية، لم تحتل إلا مواقع هامشية. برأيي، اننا على العكس، بهذه الاشتباكات، نشهد توضيحاً وفرزاً للمواقف. من الخبث اتهام الثورة السورية بأنها تضعف عندما تبدأ بمواجهة الجهاديين، فيما كنا نطالبها منذ وقت قليل بأن تضعهم جانباً كي نتمكن من مساعدتها. لنكن واضحين: الجهاديون لم يتم إلغاءهم نهائيا، ولكنني أعتقد بأنهم بلغوا ذروة سلطتهم في الربيع الماضي.
اذن، بدأت تضعف الآن الحجة الغربية القائلة بأنه من المستحيل تزويد الثورة بالسلاح بسبب خطر إستيلاء الجهاديين عليه...
الامر بسيط جدا: إذا كان الأوروبيون والولايات المتحدة يريدون بديلاً حقيقياً، عليهم أن يسلّحوا المعارضة؛ ليس فقط من أجل الدفاع عن المدنيين وقلب ميزان القوى، إنما أيضا لكي تتمكن هذه الثورة من أن تبني نفسها حول قطب قوي وفعال. يكفي القليل لإلحاق الخسائر بالجيش السوري، بضعة صواريخ مضادة للدبابات وصواريخ أرض-جو. ذلك ان أمراً يجب أن نعرفه، هو ان بشار الأسد، على الرغم من دباباته وطائراته وصواريخه وسلاحه الكيميائي... هو نمر من ورق.
[ما هي ردة فعل السوريين تجاه سياسة الغرب؟
ـ السوريون بغالبيتهم العظمى يشعرون بأنهم متروكون لمصيرهم وأن عليهم الإعتماد على أنفسهم في قتالهم ضد بشار الأسد وروسيا وإيران. يدرك السوريون بأن إمتناع الغرب عن مساعدتهم يعني قتل مجاني لأرواحهم. لكنهم اختاروا المقاومة ولن يسلموا أبداً.