الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الجيش وأخطاء "حزب الله"

الجيش وأخطاء "حزب الله"

10.07.2013
عبد الوهاب بدرخان

النهار
الاربعاء 10/7/2013
كان الجيش اللبناني تعرّض لاعتداء في عبرا – صيدا، ردّ على الاعتداء وانهى الحال المسلحة التي انشأها الشيخ أحمد الأسير ردّاً على الحال المسلحة التي أقامها "حزب الله" وميليشياته تابعة له في عاصمة الجنوب. حظي الجيش بتضامن وتأييد طبيعيين من جانب الشعب وأهل السياسة. لكنه لم يكمل المهمة، فانقسم المؤيدون والمتضامنون بين منتقد للجيش مسترجع سوابق منها سلوكه في 7 أيار 2008 في بيروت، وبين مبرر متفهم احجامه على المضي في خطة أمنية تعالج الوضع الشاذ المفتعل في صيدا.
علامَ الخلاف هنا؟ ليس على وجود الجيش في المدينة أو على دوره المطلوب شعبياً وسياسياً، بل على عدم قيامه بهذا الدور. ولماذا لا يفعل طالما ان فاعليات صيدا وأهلها يقولون إن ليس لهم غير الدولة والجيش ملاذاً ومرجعاً؟ يبدو السؤال بديهياً وساذجاً. لكن الجواب كان مثيراً ومحبطاً، ولا يزال: لأن "حزب الله" يمنعه. كيفما كان الجواب فهو غير مقبول. وفي حال الاستقطاب المذهبي، كما هي الآن للأسف، إما ان يكون الجيش وسلاحه الشرعي فوق الجميع، وإما أن يكون في خدمة طرف ضد طرف سواء كان ذلك بارادته أو بحكم الظروف.
خلقت أحداث عبرا الكثير من الأسئلة عن "مشاركة" للجيش قدمها "حزب الله" الذي تذهب الشبهات الى اتهامه بتدبير الاعتداء على العسكريين ثم بمؤازرتهم لتأديب المعتدين وتصفيتهم. هذا أسلوب معروف عن العقل الأمني للنظام السوري، ولا يعهده اللبنانيون لدى جيشهم. لذا كان ولا يزال من شأن الجيش أن يحسم الحقائق، وليس هناك ما يمنعه من ذلك، فلا أحد طالبه بالحفاظ على "الحالة الأسيرية"، لكن أحداً لا يقبل ان يحافظ على الوضع الاستفزازي الميليشيوي الذي زرعه "حزب الله" بالتحايل والترهيب قبل زمن من ظهور أحمد الأسير.
اذا كانت هناك تفاهمات بين الجيش و"حزب الله" في ما يتعلق بعمل "المقاومة" وامنها والتنسيق معها ضد العدو الاسرائيلي، فلا شيء يبرر أن لا يكون للجيش موقف واضح من استخدام السلاح غير الشرعي في الداخل، ومن وجود ميليشيا كـ"سرايا المقاومة" التي يستخدمها "حزب الله" في الأعمال القذرة التي يفضل النأي بنفسه عنها اعلامياً. والأهم ان الجيش يجب ألا ينتظر مطالبة الصيداويين بجعل مدينتهم منزوعة السلاح وإنما عليه أن يبادر الى ذلك، أقلّه من أجل أمن جنوده، ان لم يكن عملاً بواجبه في صون أمن المواطنين.
لم يُطلب من الجيش أن يتدخل في الصراع السوري، وهو لن يفعل بالتأكيد، لكن قائده الأعلى رئيس الجمهورية رفض تدخل "حزب الله" في القتال الذي دار في القصير ويحتدم الآن في حمص وبات مقاتلو الحزب في كل مكان. فهل ان تفاهمات الجيش مع "حزب الله" تشمل أيضاً حماية الخطوط الخلفية للحزب وهو يحارب الشعب السوري؟ لماذا يقبل الجيش بحمل أوزار الاخطاء التاريخية لحزب صار ميليشيا ولم يعد يعمل لأي اجندة لبنانية؟