الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الحرب التي غيرت العالم: سوريا غيّرت من، وكيف؟

الحرب التي غيرت العالم: سوريا غيّرت من، وكيف؟

24.03.2016
كمال أوزتورك


الشرق القطرية
الاربعاء 23/3/2016
قبل 5 سنوات من الآن، كان هنالك شرق أوسط مختلف، وعالم إسلامي مختلف أيضًا، أما اليوم، فنحن نشهد أكبر حالة تبعثر عاشتها المنطقة منذ الحرب العالمية الأولى.
الآلام التي نتجت عن الحروب والأزمات وحالة الفوضى التي تعيشها المنطقة، كبيرة للغاية، شعوبٌ تموت، وأخرى تفقد بيوتها وأوطانها، فيما تدمر مدننا التاريخية العظيمة.
أعتقد بعدم ضرورة الإسهاب في شرح هذه النقطة، لأننا جميعًا نشهد هذه الفاجعة بل إننا جزء منها.
نحن نبكي على إخواننا الذين تقطعت بهم السبل، لا شك، ولكن دعونا لا ننسى أننا بحاجة لاستخلاص العبر والدروس مما حدث.
نحن نعيش مرارة هذه اللوحة المعتمة من تاريخنا، لكني أعتقد أن حالة الفوضى التي نشهدها، ستفجر طاقات عظيمة داخل مجتمعاتنا.
مما لا شك فيه، أن حرب سوريا هي حرب غيّرت العالم كله، لقد تأثر العالم أجمع، من الشرق إلى الغرب، جراء هذه المأساة المستمرة منذ 5 سنوات، لقد علمتنا هذه الحرب الكثير، وحملتنا على استخلاص الكثير من العبر والدروس.
الغرب يخسر امتحانه في الإنسانية واحترامه أيضًا
دعونا نعترف بالحقائق، كان هنالك انبهارٌ في العالم الإسلامي بالغرب، وكانت ثرواته ومدنه وقيمه تشكل موضع جذب للجميع، إلا أن الغرب داس على قيمه إبان الحرب في سوريا، في الانقلاب في مصر، وأحداث ليبيا، والعراق، واليمن، وأفغانستان، حيث أقدم على دعم الفوضى وأذكى أوار الأزمات في العالم الإسلامي. وتعامل بازدواجية، حيث دعم الديمقراطية ووجدها مناسبة لشعوبه، فيما فضل دعم الانقلابات والديكتاتوريات والأزمات والحروب في العالم الإسلامي، لقد رأينا بأم أعيننا هذه المواقف المنافقة، ووقفنا شاهدين عليها.خسر الغرب امتحانه في الإنسانية، وفقد احترامه في عيون المسلمين، وغدت الحرب في سوريا ساحة، يتقاتل فيها المسلمون، ويجني الغرب منها مكاسب مختلفة، وهذا ما لن ننساه نحن والتاريخ.
لقد كان التأييد الشعبي في تركيا للاتحاد الأوروبي 75 بالمائة، أما اليوم فقد أظهرت الاستطلاعات أن هذا التأييد قد تراجع إلى 30 بالمائة، فالأتراك رأوا الوجه الحقيقي لأوروبا، ولم تعد في داخلهم رغبة للعيش ضمن تلك المنظومة، وأنا واثق من أن شعبية أوروبا قد انخفضت في العديد من دول العالم الإسلامي بنفس النسبة.
العالم الإسلامي يبحث عن مستقبله
رأينا جميعًا كيف أتت الطائرات الحربية الروسية، واحتلت سوريا، فيما لم ينبس العالم الغربي ببنت شفة ضد ذلك الاعتداء الصارخ، لأنهم جميعًا كانوا على علم بتلك الخطوة وكانوا موافقين عليها، وبالنتيجة، كان العرب والتركمان والأكراد، ضحايا القصف الروسي، أي أن جميع الضحايا كانوا من المسلمين.
 
وهذا يعني أيضًا، أن روسيا قادرة وبسهولة على فعل الشيء نفسه واحتلال أي بلد مسلم آخر، وهنا أود التساؤل عن مستقبل سيادة بلادنا، وسلامة شعبنا، وأمنه الوطني؟ سيما مع وجود ضوء أخضر من قبل الولايات المتحدة، وأوروبا، وحلف شمال الأطلسي (الناتو).
لقد أدركنا هذه الحقيقة، نحن كدول إسلامية يجب أن نشكل اتحادًا خاصًا بنا على وجه السرعة، سيما أن مصير كل واحد فينا مرتبط بالآخر، وأن بقاءنا مرتبط بتضامننا، وانفراط عقدنا يعني وقوعنا فريسة سهلة بيد الأطماع الخارجية، هذا ما علمتنا إياه الحرب السورية.
لاحظوا مدى الأمل الذي بعث في قلوب أبناء المنطقة، جراء المناورات التي أجرتها الجيوش المسلمة، بزعامة المملكة العربية السعودية وتركيا، وحملت اسم "رعد الشمال"، وما تبع تلك المناورات من تصريحات روسية، أكدت على أنها غير قادرة على مواجهة العالم الإسلامي أجمع، كما أن تلك المناورات شكلت أحد المؤثرات التي دفعت روسيا لسحب قواتها من سوريا.
على الدول الإسلامية أن تقيم تعاونًا مشتركًا ليس في المجال العسكري فحسب، بل في مجالات تشمل الاقتصاد والسياسة والثقافة والتعليم، سيما أن "منظمة التعاون الإسلامي" توفر الأرضية المناسبة لمثل تلك المشاريع، فلماذا لا نسعى من أجل إحياء وتفعيل تلك المنظمة ونبني على الأرضيات التي توفرها؟
إن ضمان مستقبلنا، ومستقبل البلاد التي ستحتضن أطفالنا، وحمايتها، لا تمر من خلال الاتفاقيات والتحالفات التي من الممكن أن تبرم مع أوروبا أو أمريكا أو روسيا أو الصين، لأن تلك الدول والتكتلات لا تسعى إلا من أجل ضمان مصالحها، ولا تتورع عن حرق بلداننا وإذكاء الفوضى والأزمات في بلادنا بغية تحقيق ذلك.
إن ضمان أمن مستقبلنا يمر من خلال تحقيق اتحاد يضم دول العالم الإسلامي، بات لزاما علينا تحقيق ذلك، فالحرب السورية أظهرت لنا مدى واقعية وأهمية هذا الطرح، أليس كذلك؟