الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الحرب السورية تراجعت في ظل وهج أوكرانيا والمقاربة الروسية تتردد أصداؤها في سوريا

الحرب السورية تراجعت في ظل وهج أوكرانيا والمقاربة الروسية تتردد أصداؤها في سوريا

05.03.2014
روزانا بومنصف


النهار
الثلاثاء 4/3/2014
تراجعت الحرب في سوريا الى مرتبة ادنى في سلم الاولويات الدولية مع تصدر الازمة في اوكرانيا والتهديد الروسي بعمل عسكري ضدها نظرا الى التحدي الذي تشكله اوكرانيا لكل من روسيا والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة على حد سواء. وهذا امر سيئ بالنسبة الى سوريا بكل المعايير على رغم ان لا جديد سياسيا مرتقبا على الوضع السوري بعد فشل جنيف 2 في 15 من شهر شباط المنصرم وباتت الامور مرجحة في اتجاه ازمة طويلة من دون افق سياسي محدد في المدى المنظور، اللهم باستثناء الاهتمام بالزيارة المرتقبة للرئيس الاميركي باراك اوباما للمملكة العربية السعودية والتي يتوقع ان يكون الموضوع السوري احد ابرز المواضيع على جدول اعمالها وانتظار ما تعتزم الادارة الاميركية اعتماده من خطوات في اطار مقاربتها الجديدة بعد المراجعة التي طلبها الرئيس الاميركي من مسؤوليه الكبار. والخشية من تراجع الازمة السورية في سلم الاولويات الدولية تكمن في انها فرصة مثالية لافرقاء الحرب وخصوصا النظام وداعميه من اجل الافادة من هذا الواقع ومحاولة تغيير معادلات الارض اكثر من اي وقع مضى في ظل انشغال دولي بازمة اشد وقعا على مصالح العالم الغربي من جهة وفي ظل استعادة للحرب الباردة بين روسيا والولايات المتحدة واوروبا من جهة اخرى وعدم استبعاد تعميم قواعد الحرب الباردة التي باتت تذر بقرنها في موضوع اوكرانيا نحو سوريا على رغم ان قواعد هذه الحرب كانت قائمة قبل ازمة اوكرانيا وكان يتم نفيها تحت عنوان تعاون اميركي - روسي انتج جنيف 1 وصولا الى جنيف 2 على رغم فشل الاخير.
 
الا ان الوضع في سوريا بات يكتسب اهمية مختلفة في ظل التطورات في اوكرانيا بحيث تستقطب هذه التطورات الاهتمام لاسباب واعتبارات عدة من بينها على الاقل رصد رد الفعل الغربي وكيفية تصدي الدول الغربية وفي مقدمها الولايات المتحدة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سعيه الى وقف التحول السياسي الذي حصل في اوكرانيا وقلب مفاعيله بالاضافة الى سيطرته على القرم. فهذه الدول عمدت كخطوة اولى الى تجميد مشاركتها في الاجتماعات التحضيرية لقمة مجموعة الثماني المرتقبة في سوتشي في حزيران المقبل، لكن مجموعة هذه الدول لا تزال مرتبكة في رد الفعل التي يمكن ان تبديه ازاء اي خطوات يمكن ان يعتمدها الرئيس الروسي ضد اوكرانيا بعد احتلال القرم الذي بدا رسالة متعددة الوجه ومن بينها رصد رد الفعل الغربي على عمل عسكري يقوم به ضد اوكرانيا. ومع ان هناك اقرارا اوروبيا واميركيا بمصالح حيوية قوية لروسيا في اوكرانيا وبانعكاسات سلبية عليها في ظل اي خيارات محتملة للوضع في اوكرانيا اكان محاولة مواكبة التحول نحو الاتحاد الاوروبي من خلال صيغة تحفظ مصالح روسيا او اجتياح اوكرانيا لعكس هذا التحول قسرا، فان هناك اقتناعا بان الكثير يتوقف على طبيعة الخطوات التالية لروسيا وعلى كيفية مقاربة بوتين للازمة كما على طبيعة الرد الغربي والاميركي بحيث لا يمكن فصل ما يتصل باوكرانيا عن جملة مسائل دولية حيوية حيث لروسيا دور كبير ورئيسي كما هي الحال على سبيل المثال لا الحصر في المفاوضات حول الملف النووي الايراني من ضمن مجموعة الخمس زائد واحد (اي الدول الخمس الكبرى والمانيا) او على الموضوع السوري ايضا، علما ان هناك من يخشى ان ينسحب التوتر في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة على اوضاع اخرى وفقا للارتدادات على المحاور الاقليمية وسواها.
ويبدو واضحا الدفع الاعلامي والسياسي في الولايات المتحدة واوروبا من اجل عدم التسليم بخيار عسكري او قسري قد يفرضه بوتين على اوكرانيا وعلى ضرورة مواجهة هذا المنحى على غير ما هي الحال بالنسبة الى سوريا حيث المصالح الغربية والاميركية لا تبدو بالاهمية او الحيوية نفسها كما في اوكرانيا. الا انه وقياسا على الوضع السوري الذي شكل حتى الان نقطة قوة بالنسبة الى استعادة الرئيس الروسي نفوذ روسيا في المنطقة في دفاعه عن مواقعه فيها، فإن التدخل عسكريا في اوكرانيا قد يسحب ذرائع مهمة من يد بوتين الذي رفع حتى الان ومن خلال ثلاثة فيتوات استخدمها في مجلس الامن من اجل حماية النظام تحت عنوان منع التدخل في سوريا كما جرى في ليبيا، ذلك علما ان ثمة معاهدات الى جانب القانون الدولي تمنع على بوتين تجاوزها في اي تدخل عسكري يعتمده في اوكرانيا ومن بينها المذكرة الموقعة بين روسيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة واوكرانيا العام ١٩٩٤ والتي قضت بان تتخلى اوكرانيا عن سلاحها النووي وتسليمه الى روسيا من اجل معالجته على اراضيها لقاء التزام روسيا احترام سيادة اوكرانيا على اراضيها. وبحسب المراقبين الدبلوماسيين، فإن التلويح بما يمكن ان يفتح عليه التدخل العسكري الروسي في القرم بدءا من اوكرانيا من ابواب لا تزال مغلقة حتى الان قد يساعد الغرب في تعزيز خيارات ردع بوتين، ذلك في وقت يدفع البعض الولايات المتحدة الى خيارات عسكرية لانهاء الحرب في سوريا لا ترقى الى التدخل المباشر بل الى اجراءات عسكرية كفرض منطقة حظر او تسليح دول اقليمية المعارضة اسلحة نوعية من ضمن تدخل لا يوازي تدخل روسيا في اوكرانيا بل يجد مبررات قوية فيه.