الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الحرب السورية حرب دهاء

الحرب السورية حرب دهاء

26.09.2013
افرايم هليفي


القدس العربي
الاربعاء 25-9-2013
مر نحو شهر منذ كان الهجوم الذي نُفذ في سورية باستعمال السلاح الكيميائي. الذي ادى الى سلسلة اجراءات دولية بدأت بالتهديد الامريكي بتنفيذ عملية عقاب عسكرية على النظام السوري، وانتهت بمبادرة شبه دراماتية لروسيا، تفضي الى موافقة الاسد على انشاء رقابة دولية على السلاح الكيميائي لبلده الى أن يُقضى عليه.
إن متابعة اجراءات الرئيس بوتين آسرة على نحو خاص، فقد بدأ بتحذير شديد للولايات المتحدة ألا تتجرأ على الهجوم من دون موافقة مجلس الامن، حيث يوجد لروسيا حق الاعتراض على كل قرار. واتجه مباشرة الى الشعب الامريكي بمقالة ذكر فيها بصورة قاطعة إن نظام الاسد لم يستعمل السلاح الكيميائي، وإن قوات المتمردين هي التي فعلت ذلك كي تُحدث تحرشا يكون حافزا لتدخل امريكي. وذكر في الوقت نفسه تقارير عن أن المتمردين يُعدون لهجوم آخر على اسرائيل هذه المرة، وطلب بصراحة عدم تجاهل هذه التقارير.
وبعد ثلاثة ايام من قوله إن النظام السوري لم ينفذ الفعل المنسوب اليه فاجأ بوتين العالم باعلان أن الاسد قبل تنفيذ المبادرة الروسية. ولم يُبين لماذا طُلب الى رئيس سورية أن يدفع هذا الثمن الباهظ ،عقابا على فعل تقول روسيا إنه لم ينفذه قط. وبعد ذلك ببضعة أيام قال بوتين إن سورية طورت سلاحا كيميائيا ردا على قدرة اسرائيل الذرية وسوّغ بذلك الاستراتيجية السورية.
وفي آخر مقولة للرئيس الروسي عبر عن شك في أن يتم الاجراء كله في النهاية لاسباب مختلفة. أجل إن غاية اقتراح بوتين الأصلي كانت منع هجوم امريكي على سورية.
ولا تريد روسيا أن تتجرد دمشق من سلاحها الكيميائي وستهتم بذلك. وقد أعلن الاسد على رؤوس الأشهاد أن العملية كلها ستطول سنة على الأقل وستكون كلفتها مليار دولار. وإن تجنيد المجتمع الدولي نفسه عبر عن نفسه الى الآن بمبلغ مليوني يورو، كانت تبرعا من حكومة المانيا فمن سيقدم الباقي؟
وفي هذه الاثناء يأتي رئيس ايران روحاني الى أول عرض له في الجمعية العمومية للامم المتحدة، والى جانب حب الاستطلاع الكبير حول المعركة المتوقعة بينه وبين رئيس الوزراء نتنياهو في الشأن الذري، يُقدم الايرانيون استعدادهم للاسهام الايجابي بالطبع في حل مشكلة مستقبل سورية، لأنهم يعملون ‘بمقتضى القانون’ في دمشق، وبحسب طلب من حكومة الدولة القانونية. وأرتفعت في واشنطن أصوات ترى ان تطوع ايران ايجابي. فاذا استوت هذه المبادرة فسيشمل حل الازمة السورية وجودا ايرانيا دائما على الارض السورية بموافقة دولية، ويكون ذلك في الجملة على حدود اسرائيل الشمالية.
هكذا نجحت روسيا في أن تربط قضية السلاح الكيميائي السوري لمصلحة مسار مشترك بين موسكو وطهران ودمشق. ونجح بوتين باجراءات دبلوماسية سريعة وبدهاء وصرف انتباه وتضليل، في أن يقود المجتمع الدولي الى مكان يوافق فيه على الاستجابة لمطالب روسيا وايران لحل المشكلة السورية من دون تدخل عسكري.
إن وقت روسيا ضيق الآن وليست الولايات المتحدة كذلك. فهي لم تبدأ حربا في سورية ولا يُطلب إليها أن تدفع ثمنا لروسيا وايران لانهائها. وستطول المعركة الداخلية في سورية سنين بعد. ويعلم السوريون ويعترفون بأنهم غير قادرين على أن يهزموا المتمردين. وإن استمرار القتال سيُثقل أكثر فأكثر على دمشق وروسيا وايران وحزب الله الغارقة في سورية حتى الأعناق. فقد حان وقت دهاء السياسي الامريكي.
يُستحسن أن يُدير وزير الخارجية الامريكي جون كيري التفاوض في قضية القضاء على السلاح الكيميائي، مع علمه أن الهدف الأصلي ستحبطه روسيا. ويُستحسن أن يشير الى أن قضية طهران الذرية مهمة جدا بحيث من الخسارة تضييع وقت في مباحثات بينها وبين واشنطن في مستقبل سورية. وتستطيع الولايات المتحدة بادارة سياسة ذكية أن تستغل الوقت لصالحها كي تفضي بالازمة الى نهاية يُطلب في اطارها الى كل القوات الاجنبية ومنها الايرانية أن تترك الارض السورية.

يديعوت 23/9/2013