الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الحرب السورية على طريق الحرب اللبنانية تمهيداً لصفقة أميركية - روسية - إيرانية؟

الحرب السورية على طريق الحرب اللبنانية تمهيداً لصفقة أميركية - روسية - إيرانية؟

29.10.2013
اميل خوري


النهار
الاثنين 28/10/2013
كل شيء يدل حتى الآن على ان الحرب السورية تأخذ شيئاً فشيئاً شكل الحرب اللبنانية وترسم طريق نهايتها. فهي لم تعد حرباً سورية فقط، بل اصبحت حرب الآخرين فيها كما كانت الحرب اللبنانية. ولم تنجح كل المحاولات التي بذلت لوقفها، عربية كانت أم دولية، ولا التوصل الى ايجاد حل لها يرضى به الموالون والمعارضون، وهو ما حصل في لبنان فاستمرت الحرب فيه سجالاً مدة 15 سنة الى أن نضجت طبخة الصفقة الاميركية – السورية. وعندما قضت الصفقة بعقد قمة عربية في الرياض لتشكيل "قوة ردع عربية"، لتوقف الحرب في لبنان، طلب زعماء معارضون من الرئيس الياس سركيس أن تكون القوات العربية التي تشارك فيها متساوية بالعدد تقريباً لا ان تكون المشاركة السورية تفوق مجموع عدد القوات العربية الاخرى. لكن الرئيس سركيس لم يستطع تحقيق ما طلبه هؤلاء الزعماء لأن الدول العربية لم تشارك في "قوة الردع"، الا بأعداد قليلة، فما كان من الرئيس حافظ الاسد الا ان اعلن استعداده لاكمال العدد المطلوب والمقدر بـ25 ألف جندي. وهكذا اصبحت "قوة الردع"، سورية بغالبيتها ثم سورية بحت بعد انسحاب دول عربية مشاركة منها، وأُرْضِيَ الرئيس سركيس بنص يجعل هذه القوة بإمرته... وعندما عاد سركيس من الرياض وهو مسرور بذلك اتصل بالعميد ريمون اده وابلغه ما جرى، لكنه لم يشاركه سروره وضرب له مثلاً بقوله له: لو شئت أنت أن تنقل جندياً سوريا من ساحة البرج الى باب ادريس فكلمة من يسمع، كلمتك أم كلمة الرئيس حافظ الاسد؟! وهكذا حصل ما تخوف منه العميد اده فأصبح لبنان محكوماً بقوة سورية. وعندما تقرر عقد لقاءات في الطائف لوضع دستور جديد للبنان يعيد توزيع الصلاحيات بين السلطات ويحدد دور القوات السورية ومدة بقائها فيه تمهيدا لقيام دولة لبنانية تعتمد على قواتها الذاتية في حفظ الامن والنظام، انقسم النواب والسياسيون بين موافق على حضور تلك اللقاءات ورافض حضورها. وكان العماد ميشال عون وهو رئيس حكومة موقتة والعميد ريمون اده على رأس الرافضين خوفاً من أن تشرعن لقاءات الطائف بقاء القوات السورية في لبنان وتعدل الدستور على نحو غير مقبول، خصوصاً بعدما ابلغ هؤلاء أن في مشروع الاتفاق نصوصاً لا تمس لأن الرئيس حافظ الاسد متمسك بها... وقد تولى السفير الاميركي يومئذٍ حض النواب على حضور لقاءات الطائف تنفيذا للصفقة الخفية المعقودة مع سوريا حول لبنان. وعندما صدر الاتفاق عن لقاءات الطائف انقسم اللبنانيون بين مؤيد ومعارض واضطر البطريرك الكاردينال صفير الى ان يكون من الموافقين عليه بعدما وجد نفسه بين خيارين أحدهما: اما القبول به مع علاته او يعود صوت المدفع... وقد كان تخوف المعارضين لهذا الاتفاق في محله لأن الوصاية السورية على لبنان لم تنفذ منه سوى المقبول منها.
هذه هي طريق سير الحرب اللبنانية من بدايتها الى نهايتها، فهل تسير عليها الحرب السورية اذا ما عقدت صفقة اميركية – ايرانية بموافقة روسية وعدم ممانعة اسرائيلية، خصوصا اذا توصلت هذه الصفقة الى منع ايران من انتاج سلاح نووي؟
يمكن القول إن مؤتمر جنيف – 2 من أجل سوريا قد يكون أشبه بمؤتمر الطائف من أجل لبنان، لكن الشروط المتبادلة بين المعارضين والموالين تحول حتى الآن دون تحديد موعد نهائي له، واذا تحدد فلا شيء يضمن نجاحه ما لم يتقرر استمرار جلساته كما حصل في الطائف الى أن تنتهي الى اتفاق. وقد لا يكون في الامكان اسقاط هذه الشروط، الا بتغيير موازين القوى على الارض، كما صار تغيير موازين القوى على الارض في لبنان فأصبح ما كان مرفوضاً مقبولاً... فاذا قضت الصفقة الاميركية – الايرانية في حال حصولها بأن تتغير موازين القوى لمصلحة النظام السوري، فإن المعارضين يذهبون الى جنيف من دون شروط مسبقة.
في المعلومات أن الولايات المتحدة الاميركية وروسيا متفقتان على اعتماد حل سياسي للازمة السورية يبدأ بالاتفاق على تشكيل حكومة تنتقل اليها كل الصلاحيات وتتمثل فيها كل القوى السياسية الاساسية في سوريا، موالية ومعارضة، ولا يكون للحركات الاصولية والجهادية تمثيل فيها. ومن الآن الى ان يتم التوصل الى هذا الاتفاق، يكون الوضع على الارض تغير لمصلحة هذا الطرف او ذاك أو ظل متوازناً ويكون الرئيس بشار الاسد قد اقترب من نهاية ولايته فيتم انتقال السلطة عندئذ انتقالاً كاملاً وهادئاً الى الحكومة التي نص مؤتمر جنيف الاول على تشكيلها. فلا بد اذا من انتظار ما يجري على الارض بين النظام وخصومه في سوريا لمعرفة صورة ما قد يحصل لجنيف وفي جنيف.