الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الحرب العالمية السورية!

الحرب العالمية السورية!

06.02.2014
د. خالص جلبي


الاتحاد
الاربعاء 5/2/2014
ما يجري في سوريا حرب عالمية، يدفع ثمنها الشعب السوري، والعالم يتفرج. وفي تقديري، هناك سبعة أسباب استعرضنا فيما سبق ثلاثة منها (أمن إسرائيل، الشرخ الطائفي، ومحرقة المتطرفين)، وسنضع ثلاث أخرى في الصورة. أولها الأسلحة. فهذه المنطقة تغلي ولا تتوقف عن شراء السلاح. ورغم أن الحرب كمؤسسة ماتت، فإن الغرب يبيعنا عتاداً ميتاً كما فعل الإسبان مع الخيل الميتة في الهجوم على حضارة الأزتيك الذين كانوا يظنون جهلا أنها لا تموت، فكان الإسبان يدفنونها سراً.
ومع انتشار الأفكار المتطرفة والشباب المتطرف في ظل أنظمة ليس عندها هامش للتغيير، فذلك يعني أن بيننا وبين النهضة مسافة كبيرة.
أما العنصر الثاني فهو تربوي مموه على حساب الشعب السوري. يجب أن تكون الثورة السورية خاتمة الثورات. الآن، ولو سئل أي مواطن عربي: هل تريد التغيير؟ لنطر بعين حولاء وهو يرى الدرس السوري وكلْفته، قائلا بشيء من التردد: لا! إنه درس قاسٍ لكل الشعوب العربية، ومفاده أن باب الثورة دموي جداً. هنا أتذكر حريق البوعزيزي وبعده التحول في تونس خلال ثلاثة أسابيع، وفي مصر خلال 18 يوماً تمت في نهايتها التضحية بعسكري ليأتي عسكري مكانه. هناك خرافة أوردها "ميشيوكاكو" في كتابه "فيزياء المستحيل"، خلاصتها أن الآلهة اقترحت رجلا اسمه روفذنجي فأعطته أن يفعل ما يشاء. أعجبه الوضع وبدأ في اللعب بأشياء مسلية، ثم أخذ يلعب بقوانين العالم. أخيراً خطر له خاطر شرير فأمر الأرض بالتوقف عن الحركة، فطار البشر وما صنعوا من ظهر الأرض إلى الفضاء الموحش. هنا رجع إلى نفسه فقال: ليكن كل شيء كما كان. أما السوريون اليوم فيقولون: ليتنا نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل. هذا الشعور استولى عليّ حين رأيت عائلات سورية متسولة على أبواب السوبرماركت بمدينة الجديدة في المغرب. لقد حول بشار شعبه إلى قطيع من المتسولين المشردين.
العنصر الثالث: الحرب العالمية السورية. تساءل تقرير بمجلة "ديرشبيجل" الألمانية عن الوضع في سوريا: لماذا لا يتدخل الغرب وحمامات الدم في سوريا تفرم العباد؟ بعد كارثة القذافي قال الروس بصراحة لكيسنجر: لقد ضحكتم علينا واستخدمتم القرار الدولي على غير ما اقترح.
في هذا أيضاً نرى مصيرنا في يد غيرنا. والسبب هو التسلح الذي انحرف بالثورة نحو التدويل؛ إذ كل تمويل يعني تدخلا خارجياً وارتهاناً في القرار السياسي.
ومع هذا هناك من يقول: إن الثورة السلمية لم تكن لتواجه من النظام السوري بغير القتل والدم لإخمادها. لكني هنا أتذكر قول غاندي: إن الثورات المسلحة والحروب أيضاً مؤلمة ومكلفة جداً أمام الكفاح السلمي. كما يرى المنظر الأميركي "جين شارب": إن هناك 180 أسلوباً في الكفاح السلمي. وحتى في الكلمة التي ألقاها الجربا في مؤتمر جنيف، ذكر استشهاد الناشط السلمي "غياث مطر"، والفتاة "هاجر"، والطفل "حمزة الخطيب"، كشواهد على نجاعة الكفاح السلمي.
إن معركة سوريا، حتى لو أطاحت بالأسد ونظامه الدموي، لن تنتهي هنا طالما أمسك الناس بالسلاح. ونحن نعلم أن أهم مشكلة عانتها فرنسا بعد الخلاص من النازية هي المسلحون الفرنسيون. ونعلم من الصراع في الجزائر أن قتل مائتي ألف شخص لم يكن أمراً صعباً. أما من دمّر كابول، أكثر من الروس، فكان المجاهدين بعد أن طار الحمام من فوق رؤوسهم!