الرئيسة \  تقارير  \  الحرب بين أوكرانيا وروسيا تصبح عالمية

الحرب بين أوكرانيا وروسيا تصبح عالمية

19.03.2022
انشل بابر


هآرتس
انشل بابر
الغد الاردنية
الخميس 17/3/2022
زيارة رؤساء حكومات بولندا والتشيك وسلوفانيا في كييف أمس بهدف الالتقاء مع الرئيس الأوكراني، فلودمير زيلينسكي، كانت حدث استثنائي في الحرب الدائرة خلافا لكل التوقعات. دخول سياسيين كبار إلى داخل منطقة المعارك ليس أمرا روتينيا وهو يرمز إلى حقيقة أصبح من الصعب تجاهلها وهي أن الحرب بين روسيا واوكرانيا صحيح أنها تجري على أراضي دولة واحدة فقط، لكنها أصبحت تحمل خصائص حرب عالمية أو على الأقل مواجهة بين كتل.
بولندا والتشيك وسلوفانيا كلها أعضاء في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، لكن يوجد لها أيضا مصالح خاصة بها. كلها تواجه روسيا بصورة مباشرة. إما أنها تتقاسم الحدود مع روسيا مثل بولندا أو أنه يوجد داخلها أحزاب معارضة تتلقى التوجيه من الكرملن. يوجد لهذه الحكومة مصلحة واضحة في أن تشدد الدول الغربية، وعلى رأسها أميركا، مواقفها من الرئيس الروسي فلادمير بوتين. الرئيس الأميركي، جو بايدن، في المقابل يواصل التمسك بموقف علني يؤيد دعم أوكرانيا على مستوى فرض عقوبات وتزويد بالسلاح، لكنه يعارض بشدة أي تدخل على الأرض من قبل جيوش الناتو، بما في ذلك تطبيق منطقة حظر طيران من أجل أن لا يتسبب ذلك حسب قوله بـ “حرب عالمية ثالثة”.
من المحتمل أن الوضع أصبح متأخرا جدا. الهجوم الصاروخي الروسي على القاعدة الأوكرانية في يافو ريف التي فيها جرت تدريبات مشتركة للجيش الأوكراني وجيوش الناتو قبل الغزو الروسي، والتي فيها تركز في الأسابيع الأخيرة مقاتلون غربيون متطوعون، كان تحذير واضح من قبل روسيا للغرب. القصف كان في الواقع في مجال أوكرانيا السيادي، لكن فقط يبعد 15 كم عن حدود بولندا، أي عن اراضي دولة محمية من قبل حلف الدفاع المشترك للناتو. ومن بين الـ 36 قتيل كان هناك ايضا مواطنون غربيون.
بوتين لا يريد أن يرى جيوش ناتو ينضمون للقتال ضد جنوده في أوكرانيا، لكنه لاحظ في الطرف الآخر قلق عميق الذي يحاول الآن استغلاله بخطوات عدائية مثل قصف يافو ريف والتهديد الذي يقول بأن أي قافلة تحمل السلاح لاوكرانيا ستعتبر “هدف مشروع”. في موازاة ذلك، روسيا توسع دائرة المواجهة نحو الشرق بتوجهها الى النظام الشيوعي في الصين طلبا للمساعدة العسكرية مثلما نشر في عدة تقارير في “فايننشال تايمز” التي ترتكز على استخبارات غربية. حسب التقارير فان الصين ردت بالإيجاب على طلب روسيا، لكن حتى الآن الحديث يدور عن مساعدة بحجم مقلص نسبيا وبوسائل لوجستية مثل وجبات حربية قابلة للصمود وليس التزويد بالسلاح.
الصين تخشى من أن يتم جرها الى الحرب. وفي بكين يتابعون باهتمام ما يحدث في اوكرانيا، ومثل كل العالم تأثروا جدا وبصورة غير جيدة من الأداء العسكري الروسي البطيء. مستوى نجاح روسيا في اخضاع اوكرانيا، بالاساس العقوبات الاقتصادية التي تضطر الآن الى تحملها نتيجة لذلك، يمكن أن تؤثر على منظومة اعتبارات الصين بخصوص عملية مستقبلية ضد الجارة جزيرة تايوان. ولكن الى جانب ذلك الصين ايضا يجب أن تقرر كيف ستلائم منظومة علاقاتها الاقتصادية مع العالم ازاء فصل روسيا من المنظومة الاقتصادية العالمية. الصين ستواصل شراء النفط والغاز من روسيا. ولأن روسيا يمكن أن تفقد الزبائن الاوروبيين، ايضا الصين تستطيع أن تطالب بشروط افضل. لكن الصين غارقة جدا في الاسواق الغربية اكثر مما هي في الاقتصاد الروسي. لذلك، هي ستضطر الى السير بحذر كبير. ولا يتوقع أن تؤيد جهود روسيا الحربية أكثر من تزويدها بوجبات حربية.
ولكن الصين توجد في الجانب الثاني من روسيا الكبرى بعيدا عن المعارك. في هذه الاثناء هي تخاف من أن تتعرض فقط لارتدادات اقتصادية. أيضا الولايات المتحدة بعيدة في الحقيقة من ناحية جغرافية، ولكن المادة 5 في ميثاق الناتو يلزمها بالتعامل مع مهاجمة أي دولة في الحلف وكأن أميركا نفسها هي التي هوجمت. بايدن ما زال يحاول الاعتماد على حقيقة أن اوكرانيا ليست عضوة في الناتو. ولكن النيران تقترب جدا من مظلة الدفاع الأميركية.
اذا كان هناك أي شكل لدى أي أحد فانه تبين الآن أنه من بين الدول الثلاثة العظمى فان روسيا هي الاضعف. الولايات المتحدة والصين هما اللتان تتصارعان على المرتبة الأولى العالمية، لكنهما كما يبدو تفضلان البقاء في مواجهة غير مباشرة. بوتين يهدد بجرهما إلى الداخل، ورغم أنهما تخشيان من ذلك إلا أنه من غير المؤكد أنه سيمكنهما تجنب ذلك لفترة طويلة. هذه الحرب تجاوزت بالفعل حدود اوكرانيا.