الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الحرج الأميركي

الحرج الأميركي

26.04.2013
رندى حيدر

النهار
الجمعة 26/4/2013
اثارت التصريحات التي ادلى بها رئيس شعبة التخطيط في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية في شأن استخدام الجيش السوري السلاح الكيميائي في حربه ضد الثوار السوريين، لغطاً بين الأميركيين والإسرائيليين حول مدى صحة ودقة هذه المعلومات الخطرة. وسارع وزير الخارجية الأميركي الى الاعلان ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي الذي تحدث معه في هذا الصدد لم يؤكد صحة المعلومات.
 ومما لا شك فيه ان هذا الكلام أحرج الأميركيين الذين سبق لرئيسهم ان حذر من انه يعتبر استخدام نظام بشار الأسد السلاح الكيميائي بمثابة خط أحمر لن يقبل بتجاوزه وسيرد عليه. لذا فان تشكيك الأميركيين في المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية، شكل دليلاً آخر على رغبة الإدارة الأميركية في عدم التورط مباشرة في النزاع في سوريا حتى لو تجاوز النظام السوري الخط الأحمر الذي وضعه الأميركيون له.
ما جرى في اليومين الاخيرين طرح عدداً من الأسئلة: هل يعقل ان يكون المسؤول في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية في صدد نشر معلومات مغلوطة عن استخدام الجيش السوري النظامي غاز السارين من اجل احراج الولايات المتحدة ودفعها الى التدخل في النزاع السوري وتغيير موازين القوى السائدة حالياً؟ وبماذا يخدم هذا الكلام المصلحة الإسرائيلية التي تقول حتى الآن انها لا تريد التدخل في ما يجري وان مصالحها الامنية هي المحافظة على الهدوء على الحدود ومنع التنظيمات الجهادية من السيطرة على المناطق المتاخمة لها؟ وهل من المحتمل ان يكون من الاهداف الإسرائيلية اختبار مدى التزام الأميركيين التعهدات التي يقطعونها، واختبار استعدادهم لتنفيذ تهديداتهم باستخدام القوة العسكرية في المنطقة؟
تعكس هذه الأسئلة امرين اساسيين: فهي تظهر العقبات التي تعترض المساعي التي يبذلها الأميركيون من اجل توطيد تعاونهم مع الإسرائيليين في هذه المرحلة الحرجة التي تجتازها المنطقة. كما انها تعزز شكوك فئة من المسؤولين الإسرائيليين الذين يرون ان سياسة الإدارة الأميركية الحالية هي عدم الدخول في مواجهة عسكرية في المنطقة، وتاليا فان كل الكلام الأميركي عن منع إيران من الحصول على السلاح النووي بكل الوسائل، هو مجرد كلام لن يتحول افعالا، وكما لا ينوي الأميركيون التدخل في النزاع في سوريا، فهم ايضاً لا ينوون مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية اذا فشلت المساعي الديبلوماسية.
إسرائيل ليست خائفة على الشعب السوري وانما خائفة من وقوع السلاح الكيميائي في أيدي التنظيمات الجهادية، وهي لا يهمها تأديب الأميركيين لنظام الأسد، بقدر ما يهمها معرفة جدية التعهدات الأميركية التي اعطيت لهم لعدم السماح للإيرانيين يتجاوز الخط الأحمر الذي وضعه نتنياهو لهم.