الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الحماقة الروسية وتفجير الشرق ؟

الحماقة الروسية وتفجير الشرق ؟

11.10.2015
داود البصري



الشرق القطرية
السبت 10/10/2015
بعد أربع سنوات ونيف من المجازر المنظمة التي ارتكبها النظام السوري ضد شعبه الثائر، وصل المشروع الفاشي للنظام لنهايته الحتمية، وانهارت خطوطه الدفاعية بشكل مريع، وفشل حلفاؤه الإقليميون في لبنان والعراق وإيران في توفير مستلزمات الصمود والبقاء له.. وهنا تدخل الدب الروسي الحليف الإستراتيجي القديم للنظام وأبرز مخالبه ليصل لأول مرة منذ عقود للمياه الدافئة بشكل هجومي فظ عبر عن نفسه بيافطة القضاء على التنظيمات الإرهابية! ومن واقع الدفاع عما أسماه بالأمن القومي الروسي في الجمهوريات الإسلامية الدائرة في فلك الاتحاد الروسي!! لقد كان تبرير التدخل العسكري الوحشي فظا وبائسا ومعبرا عن إفلاس قيمي وأخلاقي حقيقي، لكون هذا التدخل لم يأت أبداً لحماية الناس أو لمنع الأذى والضرر عن الشعب السوري الذي ظل ولسنوات طوال يتعرض لحرب إبادة بالسلاح الروسي وتكفلت البراميل القذرة التي تلقيها طائرات النظام الروسية بإبادة آلاف السوريين في محاولة لمنع انتشار نيران الثورة الشعبية التي توسعت وخرجت عن السيطرة لتتحول مهمة إجهاضها لمسؤولية مافيا الدولية والتي تمثل روسيا قطبا رئيسيا من أقطابها، لقد ضربت الطائرات الروسية أهدافها التي لم تتضمن أوكار الإرهاب كما أعلن، بل توجهت صوب ضرب القوى الحرة والمدنيين الأبرياء وبوحشية أممية يتفرج عليها العالم الحر ببشاعة وبما يهدد فعلا بتدويل المعركة وتحولها لنزاع دولي، ولعل قيام الأسطول الروسي بقصف الشعب السوري من البوارج الرابضة في بحر قزوين بعشرات الصواريخ العابرة للحدود إيحاء واضح بتمدد المجال الحيوي الروسي ليشمل العراق والشام، وحيث باتت حكومة العراق تنتظر هي الأخرى استعمال مخالب الدب الروسي في الخروج من فشلها المتكرر!، كما لعبت الدعايات الطائفية دورها الهزلي في تسويق العدوان الروسي وإعطاؤه أبعادا ملحمية تتناسب وتسويق الروايات الخرافية التي أضحى لها في ظل الهرجلة القائمة في الشرق سوقا واسعا للأسف؟. الهجوم الروسي لن يعزز الأمن والسلام بل سيفتح جميع بوابات الشياطين وبما سيحول المنطقة لجحيم إرهابي مذهل ستحرق شظاياه الأطراف المتورطة في العدوان، وهي أطراف متناقضة فكريا وسلوكيا ولكن تجمعها مصالح البقاء والهيمنة، وتمدد الدب الروسي نحو المواقع الأمريكية في بغداد سيؤدي حتما لصدام كبير على صعيد تضارب المصالح المتلاطمة في المنطقة ورغم سعي الحكومة العراقية المحموم لجلب الدب الروسي للمستنقع العراقي إلا أن الطريق لذلك ليس مفروشا بالورود والرياحين والروس يعلمون ذلك جيدا وقضية تجاوز التنسيق المخابراتي مع العراقيين لفعل عسكري ميداني ستؤدي لجعل الروس والأهداف الروسية هدفا مباشرا للمقاومة العراقية كما هو شأنهم مع المعارضة السورية!، ولعل في تأكيد الإعلام الروسي على مباركة الكنيسة الأرثوذكسية للعمليات العسكرية في سوريا هو بمثابة تصرف إعلامي أحمق ويصب باتجاه صب الزيت على النار لكونه يعطي انطباعا عن أبعاد دينية وعقائدية للتحرك العدواني الروسي الذي يشكل سابقة تاريخية في التاريخ الروسي المعاصر، فروسيا لا تمتلك تاريخا استعماريا في المنطقة بل كانت معروفة بمساندتها لحركات التحرر في العالم الثالث أيام الحقبة الشيوعية المنقرضة، وحتى التدخل السوفيتي السابق في أفغانستان فقد كان لحماية نظام أفغاني شيوعي حليف في أشد فترات الحرب الكونية الباردة سخونة، أما العمليات العسكرية الروسية الحالية فهي عمل إجرامي محض يتمثل أولا في حماية نظام مرفوض من شعبه وثانيا في المساهمة الروسية الفاعلة بتعزيز وحماية إرهاب النظام السوري عبر مزيد من الإرهاب الموجه ضد الشعوب الحرة، وهو أمر ستكون له تداعيات مستقبلية خطيرة سترتد نتائجها وتبعاتها على الوضع الداخلي السوري، يستطيع الروس اليوم المباهاة بقدرتهم التكنولوجية والصاروخية البعيدة المدى ولكن ذلك لن يوفر لهم الحماية ولن يمنع انفلات عمليات العنف المفرط، بل لن يضمن أبداً تحقيق السلم الإقليمي المنشود.. الجريمة الروسية عمل شائن ولا أخلاقي يثير في النفس الأسى والحزن على تخاذل المجتمع الدولي في حماية الشعوب الضعيفة الرافضة للفاشية والظلم والعدوان.. وقائع وإرهاصات جديدة تتشكل في الشرق القديم وثمة أهوال كبيرة قادمة ما لم يرتدع المعتدون ويكفوا أذاهم عن الشعوب الحرة قبل أن يفوت وقت الندم...؟