الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الحوار محصور في تسليم السلاح

الحوار محصور في تسليم السلاح

04.08.2013
علي حماده

النهار
الاحد 4/8/2013
أعاد الرئيس سعد الحريري طرح مبادرة قوى ١٤ اذار على طريقته. ففي خطابه امس الاول خلال سلسلة الافطارات التي اقامها "تيار المستقبل"، جدد الحريري دعوته "حزب الله" مشاركته في البقاء خارج الحكومة، وتسهيل تشكيل حكومة حيادية تعتني بشؤون الناس، على ان ينتقل الجميع الى طاولة الحوار الوطني للبحث في استراتيجية دفاعية وطنية لمعالجة مشكلة سلاح "حزب الله". وذلك على اساس ان أي حكومة سياسية لن يمنح فيها الاستقلاليون "حزب الله" وتوابعه الثلث المعطل، كما ان اي بيان وزاري لحكومة سياسية لن تتم الموافقة عليه اذا ما تضمن "ثلاثية الجيش الشعب والمقاومة" التي ماتت في سوريا.
الجديد في مبادرة الحريري القبول بالحوار مع "حزب الله" قبل ان ينسحب من سوريا. فهذا هو الثمن الذي اراد الحريري ان يدفعه من اجل تسهيل إتمام الرئيس تمام سلام مهمته في تاليف الحكومة العتيدة. علما ان الحريري يدرك قبل غيره ان الحوار مع "حزب الله" غير مجدٍ لا في موضوع السلاح، ولا في موضوع التورط في سوريا، ولا حتى في الخضوع للعدالة الدولية بتسليم المتهمين بجريمة اغتيال رفيق الحريري. فليس "حزب الله" في وارد تسليم سلاحه، ولا الخروج من سوريا من دون قرار ايراني، ولا تسليم المتهمين بالاغتيالات ما دام يعتبر انه في موقع قوة عسكرية وأمنية تمكنه من تغيير قواعد اللعبة الراهنة، ونقلها من مرحلة التهدئة وامرار الوقت الى مرحلة ضرب الاستقرار، والدخول في مواجهة مع الاستقلاليين. مع ذلك يقدم الحريري مبادرته لئلا يتهم بأنه يسد افق الحل، ولا يخرج بمبادرات في مرحلة يتهمه فيها "حزب الله" بمواكبة الحملة العربية والدولية ضده بحملة موازية في الداخل اللبناني.
بناء على ما تقدم، وفي محاولة لرسم صورة المرحلة نقول: لا حكومة، والرئيس المكلف مدعو الى الصبر اسابيع عدة وربما اكثر، على ان يتحلى بالهدوء وبالحكمة في انتظار ان تحين فرصة تشكيل حكومة جديدة ترضي الجميع، او حكومة امر واقع تفرضها متغيرات قد تطرأ على المشهد في سوريا ولبنان خلال الاسابيع المقبلة. ولا حوار وطنياً مجديا مع "حزب الله" رغم ان الدعوات اليها تصدر عن الجانبين. فقادة الحزب يدعون الى الحوار، لكنه حوار تقطيع الوقت، في حين ان الحوار الوحيد المجدي لبنانيا هو حوار على طريقة تسليم سلاح "حزب الله" وحل التنظيم العسكري– الامني، والانتقال الى العمل السياسي نهائيا. فبعد مواقف رئيس الجمهورية الاخيرة في عيد الجيش سقطت مظلة كبيرة كان "حزب الله" يتظلل بها للتأكيد على "شرعية " سلاحه. وواضح ان اي حكومة جديدة اياً يكن شكلها لن يكون في بيانها الوزاري نص يشرع للحزب ابقاء سلاحه. فبدءا من اليوم صار السلاح امرا واقعا بالقوة وحدها.
ان لبنان لا يزال في غرفة الانتظار السورية. وسوريا نفسها في غرفة الانتظار الدولية ريثما يتم التفاهم على احد امرين: اما شكل سوريا بعد بشار، او الاحتكام نهائيا الى موازين القوى الميدانية ليخرج من المعركة غالب ومغلوب. ويقيننا ان الاحتمال الثاني هو الأقرب.