الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الحياة تحت حكم "داعش"

الحياة تحت حكم "داعش"

15.11.2014
فهد الخيطان



الغد الاردنية
الخميس 13-11-2014
في ساحة عامة لبلدة تتبع ريف مدينة إدلب السورية، ووسط جمهور غفير يردد صيحات التكبير؛ يلقي مقاتلو جبهة النصرة برجلين على الأرض، قبل أن يفتحوا نيران رشاشاتهم لتمزق جسديهما. المقاتلون الصناديد حاكموا الرجلين بتهمة الزنا، وقرروا أنهما يستحقان القتل بهذه الطريقة الوحشية التي تعود بنا إلى زمن العصور الوسطى.
هذا ما تفعله جبهة النصرة، التي يأتيك من يقول إنها مختلفة عن تنظيم "داعش".
أما "داعش" فهو مختلف فعلا؛ وحشية لا يتخيلها المرء. بالأمس، تناقلت وكالات الأنباء صورة لمجموعة صبية يلهون بالقرب من جثث ثلاثة رجال ممزقة الأوصال، ومعلقة على أغصان شجرة في شارع عام. الثلاثة جرى تنفيذ حكم الإعدام بحقهم في إحدى بلدات دير الزور.
صحيفة "الديلي تلغراف" البريطانية، نشرت أمس حوارا مع داعشي سابق، كان يرافق أحد قادة التنظيم واسمه "صدام". ويروي المرافق الهارب من جحيم دولة الخلافة، عن صدام الملقب بقاطع رؤوس الأطفال، قصصا مروعة عن جرائم ارتكبها المذكور بحق أطفال انتقاما من ذويهم.
في الأسبوعين الأخيرين، أجهز "داعش" على شباب عشيرة عراقية بكاملها. وهو اليوم يهدد بقتل 100 رهينة عراقي "سني" من أبناء قضاء هيت، في حال قرر الجيش العراقي دخول البلدة لتخليصها من يد الإرهابيين.
لا تقف خطورة "داعش" و"النصرة" عند حدود ما يرتكبان من جرائم بحق الناس المسالمين، وإنما تمتد إلى ثقافة الموت التي يزرعانها في أجيال تكبر وتتربى في كنفهما. فهذه التنظيمات تحرص في كل منطقة تسيطر عليها على غسل أدمغة الأطفال والشبان، وتلقينهم دروسا في ثقافة التطرف والتكفير والقتل، وتزرع فيهم قيم الرضوخ لحكم الخليفة وتنفيذ تعليماته من دون نقاش.
يقول بعض السذج إن الهدوء يسود في المناطق التي يسيطر عليها "داعش". هذا صحيح، لكنه ليس إلا دليلا على مقدار الخوف المزروع في قلوب الناس؛ فمن يفكر في مخالفة أوامرهم يعرف أن القتل والسحل مصيره. في الفلوجة، كان مصير سيدة أرملة خرجت للشارع من دون محرم، الطرد من المدينة. كانت هذه أخف عقوبة يمكن أن تنالها امرأة؛ فالنساء تحت حكم "داعش" يلقين معاملة البهائم، ومنهن مجرد سبايا في سوق النخاسة، حيث أظهر "فيديو" مصور في العراق العشرات من شباب التنظيم وهم يساومون على نساء أزيديات اختطفن من بيوتهن.
هل يمكن لهذا النمط المتوحش من الحكم أن يصمد في العراق وسورية، لا بل ويتوسع؟ كيف لنا أن نتخيل حال الشعوب تحت حكمهم بعد سنين؟
لقد خسر العرب مكانتهم بين أمم الأرض في القرن الماضي بفعل سياسات استعمارية غربية، وأنظمة حكم استبدادية. مع ذلك، لم يكن وضعهم بالسوء الذي يمكن أن يكون عليه إذا ما كتب لداعش وأقرانه في ليبيا واليمن ومصر وسورية والعراق، أن ينتصروا.
كنا طوال القرن الماضي متأخرين عن عصرنا. لكن تحت حكم "داعش" وأمثاله، سنخرج نهائيا من التاريخ. سنكون مجرد قطعة من الماضي السحيق لا صلة تربطها بالحضارة العالمية. شعوب تأكل بعضها بعضا، وتفنى.